[والنّهي عنه] أي عن التّعجّب في قوله :
لا تعجبوا من بلى غلالته |
|
قد زرّ أزراره على القمر |
إذ لو لم يقصد تناسي التّبشبيه وإنكاره (١) لما كان للتّعجّب والنّهي عنه جهة على ما سبق ، ثمّ أشار إلى زيادة تقرير لهذا الكلام (٢) فقال : [وإذا جاز البناء (٣) على الفرع] أي المشبّه به [مع الاعتراف بالأصل] أي المشبّه ،
________________________________________________________
هذا التّعجّب نحو ما ذكر من البناء ، لأنّ إيجاد هذا التّعجّب على تناسي التّشبيه ، إذ لو لا تناسي التّشبيه لم يوجد له مساغ ، كما أنّ إيجاد ذلك البناء لو لا التّناسي لم يكن له معنى ، وتحقيقه في التّعجّب ما تقدّم من أنّه لا عجب من تظليل إنسان جميل كالشّمس من الشّمس الحقيقيّة ، وإنّما يتحقّق التّعجّب من تظليل الشّمس الحقيقيّة من الشّمس المعلومة ، لأنّ الإشراق مانع من الظّل ، فكيف يكون صاحبه موجبا للظّلّ ، ومعلوّم أنّه لو لا التّناسي ما جعل ذلك الإنسان الجميل نفس الشّمس ليتعجّب من تظليله بل شبّه بها.
(١) أي إنكار التّشبيه بحيث لم يخطر بالبال غير المشبّه به ، أعني الشّمس في البيت الأوّل ، والقمر في البيت الثّاني ، لما كان للتّعجّب في البيت الأوّل ، والنّهي عنه في البيت الثّاني وجه ، وحاصله أنّه لو لا تناسي التّشبيه لا وجه للتّعجّب في البيت الأوّل ، إذ لا عجب من تظليل إنسان جميل كالشّمس من الشّمس الحقيقيّة ، وإنّما يتحقّق التّعجّب من تظليل الشّمس الحقيقيّة من الشّمس الّتي في السّماء ، وكذلك لا وجه للنّهي عن التّعجّب من بلى الغلالة في البيت الثّاني ، لو لا تناسى التّشبيه وجعل اللّابس القمر الحقيقيّ ، لأنّ غيره لا يوجب البلى المذكور فيصحّ التّعجّب فلا يصحّ النّهي عنه.
(٢) أي قوله : «ومبناه على تناسي التّشبيه» ، وفيه حذف ، أي لما تضمّنه هذا الكلام ، وهو صحّة البناء على تناسي التّشبيه.
(٣) أي هذا تأييد وتقوية لقوله : «ومبناه على تناسي التّشبيه» ، وحاصل ذلك أنّه إذا جاز البناء على الفرع أعني المشبّه به ، لأنّه الفرع بحسب القصد في باب الاستعارة ، أي إذا جاز البناء على الفرع في التّشبيه ففي الاستعارة أولى وأقرب ، لأنّ وجود المشبّه الّذي هو الأصل ، كأنّه ينافي ذلك البناء ، فإذا جاز البناء مع وجود منافيه ، فالبناء مع عدمه أولى