هذه الاستعارة توهيميّة (١) لا تخييليّة ، وهذا (٢) في غاية السّقوط ، لأنّه يكفي في التّسمية (٣) أدنى مناسبة ، على أنّهم يسمّون حكم الوهم تخييلا ، ذكر في الشّفا (٤) ، أنّ القوّة المسمّاة بالوهم هي الرّئيسة الحاكمة في الحيوان حكما غير عقليّ (٥) ، ولكن حكما تخييليا (٦) [ويخالف (٧)] تفسيره للتّخييليّة بما ذكره [تفسير غيره لها] أي غير
________________________________________________________
(١) أي لأنّها تقررت بالوهم لما تقدّم من أنّ المصوّر للمنيّة بصورة السّبع ، والمخترع لها صورة أظفار شبيهة بالأظفار المحقّقة إنّما هو الوهم ، أي القوّة الوهميّة لا الخيال.
(٢) أي توجيه التّعسّف المشار إليه بقوله : «وقد يقال ...».
(٣) أي في تسمية شيء باسم يكفي أدنى مناسبة بين الاسم وذلك المسمّى ، والمناسبة هنا موجودة ، وذلك لأنّ الوهم والخيال كلّ منهما قوّة باطنيّة ، شأنها أن تقرّر ما لا ثبوت له في نفس الأمر ، فهما مشتركتان في المتعلّق ، وحينئذ فيجوز أن ينسب لإحدى القوّتين ما ينسب للأخرى للمناسبة بينهما.
والحاصل :
إنّ تصوير المشبّه بصورة المشبّه به ، واختراع لوازم للمشبّه مماثلة للوازم المشبّه به وإن كان بالوهم ، لكنّه نسب للخيال للمناسبة بينهما كما علمت ، وهذا إنّما يحتاج إليه إن لم يتقرّر في الاصطلاح تسمية حكم الوهم تخييلا ، لكنّه قد تقرّر ذلك ، وحينئذ فلا يحتاج إلى الاعتذار عن السّكّاكي بأنّه يكفيه في ارتكاب هذه التسمية أدنى مناسبة ، وإلى هذا أشار بقوله : «على أنّهم يسمّون حكم الوهم تخييلا».
(٤) أي ذكر أبو علي بن سينا في الشّفاء ، وكأنّه قال : وممّا يدلّ على أنّ ذلك اصطلاح تقرّر قبل السّكّاكي قول أبي علي في الشّفاء ، حيث قال : إنّ القوّة المسمّاة بالوهم هي الرّئيسة ، أي الغالبة على جميع القوى الباطنة.
(٥) أي حكما غير صحيح ، كأن تحكم على أنّ رأس زيد رأس حمار.
(٦) أي فقد سمّى صاحب الشّفاء حكم الوهم تخييلا.
(٧) أي هذا إشارة إلى اعتراض على السّكّاكي فيما ذهب إليه من تفسير التّخييليّة بأنّها لفظ لازم المشبّه به المنقول إلى صورة وهميّة تخيّل ثبوتها للمشبّه من وجه آخر ، وهو أنّ تفسيره التّخييليّة بما ذكر مخالف لتفسير غيره لها بجعل الشّيء الّذي تقرّر ثبوته لشيء آخر