السّكّاكي للتّخييليّة [بجعل (١) الشّيء للشّيء] كجعل اليد للشّمال (٢) ، وجعل الأظفار للمنيّة (٣) ، قال الشّيخ عبد القاهر (٤) : إنّه لا خلاف في أنّ اليد استعارة (٥). ثمّ إنّك لا تستطيع (٦)
________________________________________________________
غير صاحب ذلك الشّيء ، كجعل اليد للشّمال بفتح الشّين وهي الرّيح الّتي تهب من الجهة المعلومة ، فاليد إنّما هي للحيوان المتصرّف ، وقد جعلت شيء آخر مغاير لصاحب اليد وهو الشّمال.
(١) أي متعلّق بتفسير ، أي بجعل الشّيء الّذي هو لازم المشبّه به للشّيء الّذي هو المشبّه.
(٢) أي في قول الشّاعر :
وغداة ريح قد كشفت وقرة |
|
إذ أصبحت بيد الشّمال زمامها |
أي ربّ غداة ريح قد أزيلت برودته بإطعام الطّعام للفقراء وكسوتهم وإيقاد النّيران لهم ، وقوله : (وقرة) بكسر القاف بمعنى برد شديد ، عطف على (ريح) ، و (إذ) ظرف ل (كشفت) و (زمامها) فاعل (أصبحت).
(٣) أي في قول الهذلي : وإذا المنيّة أنّشبت أظفارها ... ، فعلى تفسير السّكّاكي يجب أن يجعل للشّمال صورة متوهّمة شبيهة باليد ، ويكون إطلاق اليد عليها استعارة تصريحيّة تخييليّة ، واستعمالا للّفظ في غير ما وضع له ، وعند غيره الاستعارة إثبات اليد للشّمال ، ولفظ اليد حقيقة لغويّة مستعملة في معناه الموضوع له ، وكذا يقال في أظفار المنيّة على المذهبين.
(٤) أي هذا استدلال على ما ادّعاه المصنّف من أنّ التّخييليّة عند غير السّكّاكي جعل الشّيء للشّيء.
(٥) أي لا خلاف في أنّ اليد من حيث إضافتها للشّمال ، أو أنّ في الكلام حذف مضاف ، أي لا خلاف في أنّ إثبات اليد استعارة ليوافق التّفسير بالجعل ، وقوله الآتي : «إذ ليس ...».
فاندفع ما يقال : إنّ قول الشّيخ حجّة على المصنّف لا له ، لأنّ كون اللّفظ استعارة ينافي ما ادّعاه من كون اللّفظ حقيقة لغويّة ، والتّجوز إنّما هو في إثبات الشّيء للشّيء.
(٦) أي لا تقدر على ذلك وهذا كناية عن قبول ذلك ، لا أنّه مستحيل وإلّا فقد ارتكبه السّكّاكي ، وهذا الّذي قاله الشّيخ تقرير لمذهب القوم وإبطال لمذهب السّكّاكي ، وإن كان