المشبّه به كالمنيّة مثلا في التّخييليّة بلفظه الموضوع له كلفظ المنيّة (١) ، وفي التّرشيح (٢) بغير لفظه كلفظ الاشتراء المعبر به عن الاختيار والاستبدال الّذي هو المشبّه ، مع أنّ لفظ الاشتراء ليس بموضوع له. وهذا الفرق (٣) لا يوجب اعتبار المعنى المتوهّم في التّخييليّة وعدم اعتباره في التّرشيح ، فاعتباره في أحدهما دون الآخر تحكّم. والجواب (٤) إنّ الأمر الّذي هو من خواصّ المشبّه به لمّا قرن في التّخييليّة بالمشبّه كالمنيّة مثلا جعلناه مجازا عن أمر متوهّم يمكن إثباته للمشبّه ، وفي التّرشيح لمّا قرن بلفظ المشبّه به لم يحتج إلى ذلك ، لأنّ المشبّه به جعل كأنّه هو هذا المعنى مقارنا للوازمه وخواصّه ، حتّى إنّ المشبّه به في قولنا : رأيت أسدا يفترس أقرانه ، هو
________________________________________________________
(١) أي بمعنى الموت أي عبر عن الموت بلفظ المنيّة الّذي وضع للموت في التّخييليّة.
(٢) أي الّذي هو الاختيار عبّر عنه بغير لفظه ، وهو الاشتراء ، وهو ليس بموضوع للاختيار ، فليس بينهما غير هذا الفرق ، مع أنّ هذا الفرق لا يوجب ولا يقتضي الاعتبار المذكور فيها ، وعدم اعتباره فيه ، ولا يمنع من إلحاق أحدهما بالآخر.
(٣) أي الفرق بين التّخييليّة والتّرشيح باعتبار التّعبير المذكور لا يوجب الفرق بينهما باعتبار الصّورة الوهميّة في التّخييليّة ، وعدم اعتبارها في التّرشيح مع تحقّق إثبات بعض ما يخصّ المشبّه به للمشبّه في كلّ منهما ، واعتبارها في التّخييليّة دون التّرشيح مع تحقّق الموجب له ترجيح بلا مرجح.
والحاصل إنّ اللّازم ممّا ذكره السّكّاكي في تفسير التّخييليّة أن يكون التّرشيح تخييليّة ، واللّازم باطل واللزّوم مثله. فالمتحصّل من جميع ما ذكرناه أنّ اعتباره في أحدهما دون الآخر تحكّم ، أي حكم بوقوع أحد طرفي الحكم من غير رجحان.
(٤) أي الجواب عن هذا الاعتراض الوارد على السّكّاكي المشار إليه بقوله : «ويقتضي» ، وحاصل الجواب : إنّ المشبّه في صورة التّخييل لمّا عبّر عنه بلفظه ، وقرن بما هو من لوازم المشبّه به ، وكان ذلك اللّازم صافيا للمشبّه ، ومنافرا للفظه ، جعلنا لفظ اللّازم المقرون عبارة عن أمر متوهّم يمكن إثباته للمشبّه ، وفي صورة التّرشيح لمّا عبّر عن المشبّه بلفظ المشبّه به وقرن بما هو من لوازم ذلك المشبّه ، ولم يحتج إلى اعتبار الصّورة الوهميّة لعدم المنافرة مع إمكان اعتبار نقل لفظ المشبّه به مع لازمه للمشبّه.