أو ما رأيت المجد ألقى رحله |
|
في آل طلحة ثمّ لم يتحوّل (١) |
[الإيماء والاشارة ، ثمّ قال] السّكّاكي [والتّعريض قد يكون مجازا ، كقولك : آذيتني فستعرف ، وأنت تريد] بتاء الخطاب [إنسانا مع المخاطب دونه] ، أي لا تريد المخاطب ليكون اللّفظ مستعملا في غير ما وضع له فقطّ ، فيكون مجازا.
[وإن أردتهما] أي أردت المخاطب وإنسانا آخر معه جميعا [كان كناية] لأنّك أردت باللّفظ المعنى الأصلي وغيره معا (٢) ، والمجاز ينافي إرادة المعنى الأصلي. [ولا بدّ فيهما] أي في الصّورتين (٣) [من قرينة] دالّة على أنّ المراد في الصّورة الأولى هو الانسان الّذي مع المخاطب وحده ليكون مجازا ، وفي الثّانية كلاهما ـ جميعا ليكون كناية.
وتحقيق ذلك أنّ قولك : آذيتني فستعرف ، كلام ـ دالّ على تهديد المخاطب بسبب الإيذاء ، ويلزم منه تهديد كلّ من صدر عنه الإيذاء ، فإن استعملته وأردت به
________________________________________________________
(١) أي وجه كون الوسائط فيه قليلة من غير خفاء ، إنّ إلقاء المجد رحله في آل طلحة مع عدم التّحوّل ، هذا معنى مجازي إذ لا رحل للمجد ، ولكن شبّه برجل شريف له رحل يخصّ بنزوله من شاء ، ووجه ـ الشبّه الرّغبة في الاتّصال بكلّ وأضمر التّشبيه في النّفس على طريق الاستعارة بالكناية ، واستعمل معه ما هو من لوازم المشبّه به وهو إلقاء الرّحل أي الخيمة والمنزل تخييلا ، ولمّا جعل المجد ملقيا رحله في آل طلحة بلا تحوّل لزم من ذلك كون محلّه وموصوفه آل طلحة لعدم وجدان غيرهم معهم ، وذلك بواسطة أنّ المجد ولو شبّه بذي الرّحل هو صفة لا بدّ من موصوفه ومحلّ ، وهذه الواسطة لا خفاء فيها ، لأنّها بيّنة بنفسها فكانت الكناية ظاهرة والواسطة واحدة ، فقد قلّت الوسائط مع الظّهور وعدم الخفاء ، فالمناسب أن يطلق عليها «الإيماء والإشارة» لأنّ أصل الإيماء والإشارة أن تكونا حسّيّتين وهي ظاهرة.
(٢) أي قد تقدّم في أوّل بحث الكناية أنّها في الاصطلاح لفظ أريد به لازم معناه مع جواز إرادة المعنى الحقيقي معه.
(٣) أي في صورة كون التّعريض مجاز ، وفي صورة كونه كناية من قرينة ... ، فالفارق بينهما هي القرينة كغيرهما ممّا يحتمل الوجهين أو الوجوه.