لأنّه [إمّا تشبيه مفرد بمفرد وهما] أي المفردان [غير مقيّدين كتشبيه الخدّ بالورد (١) ، أو مقيّدان كقولهم] لمن لا يحصل من سعيه على طائل [هو كالرّاقم على الماء] فالمشبّه هو السّاعي المقيّد ، بأن لا يحصل من سعيه على شيء ، والمشبّه به هو الرّاقم المقيّد بكون رقمه على الماء ، لأنّ (٢) وجه الشّبه هو التّسوية بين الفعل وعدمه ، وهو (٣) موقوف على اعتبار هذين القيدين. [أو مختلفان] أي أحدهما مقيّد والآخر غير مقيّد ، [كقوله : والشّمس كالمرآة] في كفّ الأشلّ (٤) فالمشبّه به أعني المرآة مقيّدة بكونها في كفّ الأشلّ ، بخلاف المشبّه أعني الشّمس (٥)
________________________________________________________
(١) أي بأن يقال : خدّه كالورد في الحمرة ، فإنّ الخدّ وإن كان مضافا ، لكنّه يعدّ غير مقيّد ، لأنّ المضاف إليه لا دخل له في وجه الشّبه.
(٢) علّة لكون المشبّه هو السّاعي المقيّد بما ذكر ، والمشبّه به هو الرّاقم المفيد بالقيد الموصوف.
(٣) أي التّسوية موقوف على اعتبار القيدين ، لأنّ مطلق ساع ومطلق راقم ، قد لا يتّصف واحد منهما بالوجه المذكور ، لأنّه يجوز أن يحصل ساع من سعيه على طائل ، ويجوز أن يرقم راقم على حجر ، فلكلّ من القيدين دخل في التّشبيه ، لتوقّف تحقّق وجه الشّبه عليه.
(٤) وقد تقدّم شرح هذا البيت فراجع.
(٥) أي إنّها غير مقيّدة لفظا ، فلا يرد أنّ المشبّه ليس مطلق الشّمس ، بل الشّمس المقيّدة بوقت العصر أو وقت الصّباح ، إذ قد عرفت أنّه لا يكفى في عدّ الطّرفين أو أحدهما مقيّدا بمجرّد التّقييد في المعنى ، بل لا بدّ من التّقييد في اللّفظ أو ما في حكمه ، بأن يكون مقدّرا في نظم الكلام مضافا إلى التّقييد في المعنى.
فإن قلت : إنّ المشبّه ليس مطلق الشّمس ، بل الشّمس المقيّدة بالحركة فيكون مقيّدا.
قلت : إنّ الحركة لمّا كانت لازمة للشّمس غير منفكّة عنها أبدا كانت كأنّها جزء من مفهومها ، وليست بقيد خارج فلا يكون مقيّدا.