أفضلهما (١) أن يستثنى من صفة ذمّ منفيّة عن الشّيء صفة مدح (٢)] لذلك الشّيء [بتقدير دخولها فيها] أي دخول صفة المدح في صفة الذّم [كقوله : ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم* بها فلول] جمع فلّ ، وهو الكسر في حدّ السّيف [من قراع (٣) الكتائب] أي مضاربة الجيوش [أي إن كان فلول السّيف عيبا فأثبت (٤) شيئا منه] أي من العيب [على تقدير كونه منه] أي كون الفلول من العيب ، [وهو] ـ أي هذا التّقدير ، وهو كون الفلول من العيب [محال] ، لأنّه كناية عن كمال الشّجاعة [فهو إثبات] شيء من العيب على هذا التّقدير.
________________________________________________________
(١) أي أبلغهما.
(٢) وبعبارة أخرى أن ينفي عن الممدوح صفة ذمّ ، وذلك كنفي العيب في البيت الآتي ثمّ يستثني من صفة الذّمّ المنفيّة صفة مدح ، وذلك كاستثناء فلول السّيوف عن قراع الكتائب «بتقدير» ، أي بسبب فرض المتكلّم «دخولها فيها ، أي دخول صفة المدح في صفة الذّم» ، فليس المراد بالتّقدير ادّعاء الدّخول على وجه الجزم والتّصميم ، بل فرض الدّخول على وجه الشّك المفاد من التّعليق بأداة الشّرط ، وإنّما كان ذلك من تأكيد المدح ، لأنّ الاستثناء من النّفي إثبات ، فيكون استثناء صفة المدح بعد نفي الذّمّ إثباتا للمدح ، فجاء فيه تأكيد المدح ، لأنّ نفي صفة الذّمّ على وجه العموم أوّلا حتّى لا يبقى ذمّ في المنفي عنه أيضا مدح.
(٣) القراع بكسر القاف المضاربة بالسّيوف ، «الكتائب» جمع كتيبة ، وهي الجماعة المستعدّة للقتال من المائة إلى الألف ، وتسمّى تلك الجماعة بالجيش ، كما أشار إليه بقوله : «أي مضاربة الجيوش».
وأما الشّاهد :
فالعيب صفة ذمّ منفيّة على سبيل العموم والاستغراق ، قد استثنى منها صفة مدح ، وهو أنّ سيوفهم ذوات فلول ، أي إن كان فلول السّيف عيبا ثبت العيب وإلّا فلا.
(٤) أي فأثبت الشّاعر شيئا من العيب على فرض كون فلول السّيف من العيب ، وهو ، أي كون الفلول عيبا محال ، لأنّه كناية عن كمال الشّجاعة والشّجاعة من الملكات المستحسنة ، فكيف يكون عيبا.