[في المعنى تعليق بالمحال (١)] ، كما يقال (٢) : حتّى يبيّض القارّ وحتّى يلج الجمل (٣) في سم الخياط ، [والتّأكيد فيه (٤)] أي في هذا الضّرب [من جهة أنّه (٥) كدعوى الشّيء ببيّنة] لأنّه علّق المدّعى ، وهو إثبات شيء من العيب بالمحال ، والمعلّق بالمحال محال ، فعدم العيب محقّق. [و] من جهة [أنّ الأصل في] مطلق [الاستثناء (٦)] هو [الاتّصال (٧)] أي كون المستثنى منه بحيث يدخل فيه المستثنى على تقدير السّكوت عنه ، وذلك لما تقرّر في موضعه من أنّ الاستثناء المنقطع مجاز (٨) ،
________________________________________________________
(١) وإنّما قال في المعنى ، لأنّه ليس من اللّفظ تعليق أيّ أداة شرط.
(٢) لا أفعله «حتّى يبيّض القار» أي الزّفت.
(٣) أي حتّى يدخل الجمل «في سم الخياط» ، أي في ثقب الإبرة ، وثبوت هذا الشّرط في المثالين محال ، ففعل ذلك الشّيء محال أيضا.
(٤) أي وتأكيد المدح في هذا الضّرب الّذي هو استثناء صفة مدح من صفة ذم منفيّة على تقدير دخولها فيها.
(٥) أي إثبات المدح في هذا الضّرب «كدعوى الشّيء ببيّنة» ، أي كإثبات المدّعى بالبيّنة ، أي بالدّليل ، لأنّ المتكلّم علّق ثبوت العيب الّذي هو نقيض المدّعى على كون المستثنى عيبا ، وكونه عيبا محال ، والمعلّق على المحال محال ، فيكون ثبوت العيب فيهم محالا ، فيلزم ثبوت نقيضه ، وهو عدم العيب الّذي هو المدّعى.
(٦) أي سواء كانت أداته لفظة إلّا أو غيرها ، كلفظة غير في البيت ، وكلفظة بيد ونحوهما.
(٧) أي كون المستثنى من جنس المستثنى منه.
(٨) يريدون به أنّ استعمال أداة الاستثناء في الاستثناء المنقطع مجاز ، وذلك لأنّ وضع الأداة للإخراج ، ولا إخراج في المنقطع.
وأمّا إطلاق لفظ الاستثناء على المنقطع فهو حقيقة اصطلاحا ، كإطلاقه على المتّصل ، وقيل : بل المراد إنّ إطلاق لفظ الاستثناء على المنقطع مجاز أيضا ، لأنّ لفظ الاستثناء معناه صرف العامل عن تناول المستثنى هذا ، ولكنّ الظّاهر من كلام المصباح هو القول الأوّل ، لأنّ الأصل في الاستثناء الاتّصال فيفهم ، أوّلا بناء على الأصل أنّه أريد إخراج ما دخل «ممّا