[تليها (١) صفة مدح أخرى له] أي لذلك الشّيء [نحو (٢) .. أنا أفصح العرب بيد أنّي من قريش] ، بيد بمعنى غير ، وهو أداة الاستثناء [وأصل الاستثناء فيه] أي في هذا الضّرب [أيضا يكون منقطعا] كما أنّ الاستثناء في الضّرب الأوّل منقطع لعدم دخول المستثنى في المستثنى منه (٣).
وهذا (٤) لا ينافي (٥) كون الأصل في مطلق الاستثناء هو الاتّصال ، [لكنّه] أي الاستثناء المنقطع في هذا الضّرب [لم يقدّر متّصلا] كما قدّر في الضّرب الأوّل ، إذ ليس هنا صفة ذمّ منفيّة عامّة يمكن تقدير دخول صفة المدح فيها (٦) ،
________________________________________________________
(١) أي تلي تلك الأداة ، وتأتي بعدها صفة مدح أخرى لذلك الشّيء الموصوف بالأولى.
(٢) أي نحو قول النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، و (بيد) بمعنى غير ، لأنّ صحّة التّمثيل مبنيّة على ذلك ، وأمّا على ما قاله ابن هشام في المغني من أنّ (بيد) في هذا الحديث حرف تعليل بمعنى من أجل ، والمعنى أنا أفصح العرب لأجل أنّي من قريش ، فلا يكون من هذا الباب.
(٣) في كلا الضّربين ، أما في الضّرب الأوّل فلأنّ المفروض أنّ المراد حسبما بيّنّاه أن يستثنى من العيب خلافه ، فلم يدخل المستثنى في المستثنى منه ، فيجب أن يكون الاستثناء فيه منقطعا.
وأمّا في الضّرب الثّاني فلانتفاء العموم في المستثنى منه ، فلم يدخل المستثنى في المستثنى منه ، وذلك لأنّ كلّ واحد ممّا ذكر في هذا الضّرب قبل أداة الاستثناء وبعدها صفة خاصّة ، فلا يكون المذكور بعد الأداة داخلا فيما قبل الأداة ، فيجب أن يكون الاستثناء فيه أيضا منقطعا.
(٤) أي كون أصل الاستثناء في هذا الضّرب الثّاني هو الانقطاع.
(٥) وجه عدم التّنافي في أنّ أصالة الانقطاع إنّما هو بالنّسبة إلى خصوص هذا الضّرب الثّاني ، وأصالة الاتّصال إنّما هو بالنّسبة إلى مطلق الاستثناء ، وذلك كمطلق الحيوان والعقرب ، فإنّ الأصل في الأوّل أن يكون بصيرا ، وفي الثّانية على ما قيل أن تكون عمياء ، فلا يكون بينهما تناف.
(٦) أي صفة الذّمّ.