كما حكى عن عبد الله بن الزّبير أنّه فعل ذلك (١) ، بقول معن بن أوس : إذا أنت لم تنصف أخاك] ، أي لم تعطه النّصفة ، ولم توفه حقوقه (٢) ، [وجدته* على طرف الهجران] أي هاجرا لك مبتذلا بك وبأخوتك [إن كان يعقل* ويركب حدّ السّيف] أي يتحمّل الشّدائد تؤثّر فيه تأثير السّيوف وتقطّعه تقطعيهما [من أن تضيمه] أي بدلا (٣) من أن تظلمه [إذا لم يكن عن شفرة السّيف] أي عن ركوب حدّ السّيف وتحمّل المشاقّ (٤) ،
________________________________________________________
(١) أي فعل الأخذ والسّرقة بقول معن بن أوس.
(٢) أي لم تعط أخاك الانصاف وتوفية الحق.
(٣) التّفسير إشارة إلى أن كلمة «من» للبدل ، والحاصل أنّ العاقل يتحمّل الأمور الشّاقّة الّتي تؤثّر فيه تأثير السّيف مخافة أن يلحقه العار والضّيم ، متى لم يجد عن ركوب الأمور الشّاقّة مبعدا ومعدلا ، أي لا طريق للخلاص عن العار والضّيم إلّا ارتكاز تلك الأمور.
ومحلّ الشّاهد يتّضح فيما حكى عن عبد الله بن الزّبير أنّه فعل السّرقة بقول معن بن أوس ، وأمّا تفصيل الحكاية ، فقد حكى أنّ عبد الله بن الزّبير دخل على معاوية فأنشده هذين البيتين :
إذا أنت لم تنصف أخاك وجدته |
|
على طرف الهجران إن كان يعقل |
فقال له معاوية لقد شعرت يا أبا بكر ، أي لقد صرت شاعرا بعدي مع علمي بأنّك غير شاعر ، لأنّك قبل أن أفارقك لم تقل شعرا ، ولم يفارق عبد الله المجلس حتّى دخل معن بن أوس فأنشد قصيدته الّتي أوّلها :
لعمرك ما ادري وإني لأوجل |
|
على أيّنا تغدو المنيّة أوّل |
واستمرّ على إنشاد القصيدة حتّى أتمّها وفيها هذان البيتان ، فأقبل معاوية على عبد الله بن زبير ، وقال : ألم تخبرني أنّهما لك فقال : اللّفظ له والمعنى لي ، وبعد فهو أخي من الرّضاعة ، وأنا أحقّ بشعره ، هذا اعتذار من ابن الزّبير في سرقته البيتين ، ونسبتهما لنفسه ، ومعلوم أنّ هذا الاعتذار أبرد من الثّلج.
(٤) عطف تفسيري على ركوب حدّ السّيف يشير بهذا إلى أنّه ليس المراد بركوب حدّ