[مزجل] أي مبعد ، فقد حكى أنّ عبد الله بن الزّبير دخل على معاوية فانشده هذين البيتين ، فقال له معاوية لقد شعرت بعدي يا أبا بكر ، ولم يفارق عبد الله المجلس حتّى دخل معن بن أوس المزنيّ فانشد قصيدته الّتي أوّلها :
لعمرك ما ادري وإني لأوجل (١) |
|
على أيّنا تغدو المنيّة أوّل |
حتّى أتمّها وفيها هذان البيتان ، فأقبل معاوية على عبد الله بن الزّبير وقال : ألم تخبرني أنّهما لك ، فقال : اللّفظ له والمعنى لي ، وبعد فهو أخي من الرّضاعة ، وأنا أحقّ بشعره [وفي معناه] أي في معنى ما لم يغيّر فيه النّظم [أن يبدّل بالكلمات كلّها (٢) أو بعضها (٣) ، ما يرادفها] يعني أنّه أيضا مذموم وسرقة محضة ، كما يقال في قول الحطيئة :
دع المكارم (٤) لا ترحل لبغيتها |
|
واقعد فإنّك أنت الطّاعم الكاسي |
ذر المآثر لا تذهب لمطلبها |
|
واجلس فإنّك أنت الآكل اللّابس |
________________________________________________________
السّيف معناه الحقيقي ، وإنّما المراد به تحمل ذلك ، فكأنّه قال : ويركب ما هو بمنزلة القتل بالسّيف.
(١) وجملة : وإنّي لأوجل ، معترضة بين أدري ومفعولها وهو قوله : على أيّنا ، وتغدو بالغين بمعنى تصبح.
(٢) أي في بيت الحطيئة ، فإنّه بدلت كلماته كلّها.
(٣) أي كما في بيت امرئ القيس ، فإنّه قد بدلت بعض كلماته.
(٤) البيت مقول قول الحطيئة ، وقوله : «ذر المآثر ..» مقول «يقال» ، وقوله : «دع المكارم» ، أي دع طبلها ، و «المكار «» جمع مكرمة بمعنى الكرامة ، والبغية بكسر الباء وضمّها ، كما في المختار ، بمعنى الحاجة والطّلب ، وقوله : «الطّاعم الكاسي» أي الآكل المكسوّ.
والمعنى لست أهلا للمكارم والمعالي فدعها لغيرك واقنع بالمعيشة ، وهي مطلق الأكل والسّتر باللّباس ، فإنّك تناله بلا طلب يشقّ ، كطلب المعالي.
والشّاهد : في أنّه قد بدّل كلّ لفظ من البيت الأوّل ، بمرادفه ، فذر مرادف لدع ، والمآثر مرادف للمكارم ، ولا تذهب مرادف لقوله : «لا ترحل» ، وقوله : «لمطلبها»