وكما قال امرؤ القيس :
وقوفا بها صحبي عليّ مطيّهم |
|
يقولون لا تهلك أسى وتجمّل |
فأورده طرفة في داليته (١) ، إلا أنّه أقام ـ تجلّد ـ مقام ـ تجمّل ، [وإن كان] أخذ اللّفظ كلّه [مع تغيير لنظمه (٢)] أي نظم اللّفظ [أو أخذ بعض اللّفظ] لا كلّه [سمّي] هذا الأخذ [إغارة (٣) ومسخا (٤)] ولا يخلو (٥) إمّا أن يكون الثّاني أبلغ من الأوّل ، أو دونه أو مثله [فإن كان الثّاني أبلغ] من الأوّل [لاختصاصه (٦) بفضيلة] لا توجد في الأوّل ، كحسن
________________________________________________________
مرادف لبغيتها ، واجلس مرادف لاقعد ، والآكل مرادف للطّاعم ، واللّابس مرادف للكاسي. وأمّا قوله : «فإنّك أنت» فمذكور في البيتين باللّفظ.
(١) وقوفا بها صحبي عليّ مطيّهم |
|
يقولون لا تهلك أسى وتجلّد |
والشّاهد : في أنّ هذا البيت بيت امرئ القيس ، ولم يزد فيه على تبديل تجمّل بتجلّد ووقوفا من الوقف الّذي هو الحبس بدليل تعدّيه إلى المطيّ ، لا من الوقوف اللّازم بمعنى اللّبث ، وعلى بمعنى لأجل ، أي قفا نبك في حال وقوف أصحابي مراكبهم لأجلي قائلين لا تهلك أسى ، أي من فرط الحزن وشدّة الجزع ، وتجمّل أي اصبر صبرا جميلا ، أي وادفع عنك الأسى بالتّجمّل ، أي الصّبر الجميل فأورده طرفة قوله ، إلّا أنّه أقام تجلّد مقام تجمّل ، فهذا مثال لتبديل بعض الكلمات بما يرادفه.
(٢) والمراد بتغيير النّظم هنا أن يدلّ على المعنى الأوّل ، أو على بعضه بوجه آخر ، بحيث يقال : هذا تركيب آخر ، والشّاهد : في أنّ هذا هو المراد ما يأتي من الأمثلة ، ثمّ ما يكون بتغيير النّظم إمّا أن يكون مع أخذ كلّ اللّفظ ، أو مع أخذ بعض ذلك اللّفظ.
(٣) وإنّما سمّي بذلك ، لأنّ القائل الثّاني أغار على كلام القائل الأوّل فغيّره عن وجهه.
(٤) ويسمّى أيضا «مسخا» ، لأنّه بدّل صورة كلام الغير بصورة أخرى ، والمسخ في الأصل تبديل صورة بصورة أقبح.
(٥) أي ما يسمّى إغارة ، على ثلاثة أقسام : لأنّ ذلك الكلام الثّاني المسمّى بالإغارة إمّا أن يكون أبلغ من الأوّل فيكون مقبولا غير مذموم ، أو يكون أدنى فهو مذموم غير مقبول ، أو يكون مثل الأوّل فهو أبعد من الذّمّ وأقرب إلى القبول. فأشار الشّارح إلى هذه الأقسام على هذا التّرتيب.
(٦) أي لاختصاص الثّاني عن الأوّل «بفضيلة».