كقول البحتري : سلبوا] أي ثيابهم ،
[وأشرقت الدّماء عليهم |
|
محمرّة فكأنّهم لم يسلبوا] |
لأنّ الدّماء المشرقة كانت بمنزلة الثّياب لهم (١). [وقول أبي الطّيّب (٢) : يبس النّجيع عليه] أي على السّيف [وهو مجرّد (٣) عن غمده فكأنّما هو مغمّد] لأنّ الدّم اليابس بمنزلة غمد له ، فنقل المعنى من القتلى والجرحى إلى السّيف. [ومنه] أي من غير الظّاهر [أن يكون معنى الثّاني أشمل] من معنى الأوّل [كقول جرير :
إذا غضبت عليك بنو تميم |
|
وجدت النّاس كلّهم غضبانا |
لأنّهم يقومون مقام كلّهم (٤) [وقول أبي نوّاس :
وليس على الله بمتنكر |
|
أن يجمع العالم في واحد (٥) |
فإنّه يشمل النّاس وغيرهم فهو أشمل من معنى بيت جرير. [ومنه] أي من غير الظّاهر ، [القلب ، وهو أن يكون معنى الثّاني نقيض معنى الأوّل ، كقول أبي الشّيص :
أجد الملامة في هواك لذيذة |
|
حبّا لذكرك فليلمني اللّوم |
________________________________________________________
(١) أي ساترة لهم كاللّباس.
(٢) في وصف السّيف يبس النّجيع أي الدّم المائل إلى السّواد.
(٣) أي : والحال أن السّيف خارج عن غمده «فكإنّما هو مغمّد» ، أي مجعول في الغمد ، لأنّ الدّم اليابس صار بمنزلة غمد له ، فنقل المعنى من موصوف ، أعني القتلى والجرحى إلى موصوف آخر ، أعني السّيف.
والشّاهد : في أن أبا الطّيّب سرق المعنى من البحتري لكنّها سرقة خفيّة.
(٤) أي كلّ النّاس ، فمعنى هذا البيت أنّ بني تميم بمنزلة النّاس جميعا في الغضب.
(٥) والشّاهد : في أنّ أبا نواس سرق المعنى من جرير ، ولكنّ الأوّل ، أي بيت جرير يختصّ بعض العالم وهو النّاس ، وبيت أبي نوّاس يشمل النّاس وغيرهم ، وذلك لأنّ العالم اسم لما