أي (١) في الكاف ونحوها كلفظ نحو ومثل وشبه (٢) بخلاف كأنّ ويماثل ويشابه (٣) ، [أن يليه المشبّه به] لفظا (٤) ، نحو : زيد كالأسد ، أو تقديرا ، نحو : قوله تعالى : (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ)(١) (٥)]
________________________________________________________
(١) قيل : إنّ هذا التّفسير إشارة إلى أنّ الكلام من قبيل الكناية ، كما تقرّر في قولك : مثلك لا يبخل ، لا أنّ في الكلام تقديرا ، وذلك لأنّ الحكم إذا ثبت لمماثل الشّيء ، ولما هو أدون منه كان ثابتا له بطريق أولى ، فإذا كان ما هو مثل الكاف في حكمه كذا ، فالكاف الّذي هو الأصل حكمه كذا بطريق أولى ، لكنّ الظّاهر أنّ الأمر ليس كذلك ، فإنّ الّذي قدّم في بحث المسند إليه أنّ نحو : مثلك لا يبخل ، كناية عن أنت لا تبخل ، فلو كان المقام من الكناية للزم أن لا يكون النّحو داخلا في الحكم ، فالظّاهر أنّ المراد من المثل معناه الظّاهر ، وثبوت الحكم للكاف إنّما هو بفحوى الكلام ، أي مفهومه الموافق.
(٢) أي كلّ ما يدخل على المفرد كلفظ مشابه ومماثل ونحوهما.
(٣) أي كلّ ما يدخل في الجملة ، أو يكون جملة بنفسه كالأمور المذكورة ، فإنّها لا يليها المشبّه به ، بل يليها المشبّه فإذا قيل : يماثل زيد عمروا كان المشبّه هو زيد ، لا عمرو ، فيلي الفعل هو المشبّه ، فالأصل فيها أن يليها المشبّه.
(٤) قوله : «لفظا» حال من «المشبّه به» أي حالة كونه ملفوظا به أو مقدّرا.
(٥) «الصّيّب» هو المطر ، «والسّماء» بمعنى العلوّ. والمعنى أو مثل هؤلاء المنافقين في جهلهم وشدّة تحيّرهم ، كأصحاب مطر نزل من السّماء فيه ظلمات ، أي ظلمة تكاثفه ، وظلمة إظلال غمامته ، وظلمة اللّيل.
والشّاهد إنّ المشبّه به وهو مثل ذوي الصّيب ، قد ولي الكاف والحال أنّه متعدّد ، ثمّ وجه الشّبه بين قصّة المنافقين ، وقصّة ذوي الصّيّب ، هو رفع الطّمع إلى حصول المطالب ، ونجح المآرب ، وسدّ ضدّها مسدّها ، وتحقّقه في المشبّه به ظاهر ، وكذلك في المشبّه ، حيث إنّ المنافقين كانوا يطمعون انتفاعهم بمزايا الإسلام بواسطة إيمانهم ظاهرا ، واتّباعهم المؤمنين صورة ، فرفع هذا الطّمع بنزول الوحي ، وسدّ مسدّ مطالبهم الأهوال ، حيث افتضحوا بنزول الوحي الكاشف عن أسرارهم وسوء سريرتهم ، كما في المفصّل للمرحوم الشّيخ موسى
__________________
(١) سورة البقرة : ١٩.