وكان الرجل فيما مضى يخشى من ظهور اللحن على لسانه.
لقى أحدهم رجلا من أهل الأدب ، وأراد أن يسأله عن أخيه ، وخاف أن يلحن ، فقال : أخاك ، أخوك ، أخيك ، هاهنا؟ فقال الرجل : لا ، لي ، لو ، ما هو حضر (١).
فهذا الجواب لا يخلّص صاحبه من معرّة الجهل ، ولو كان المسؤول عاقلا لسلك طريق العلم ، ونفض عن نفسه عار الجهل.
وقال «ابن الصلاح» ـ ٦٤٣ ه : روّينا عن «النضر بن شميل» ـ ٢٠٣ ه قال : «جاءت هذه الأحاديث على الأصل معربة». وقال «الأصمعي» ـ ٢١٦ ه : إن أخوف ما أخاف (٢) على طالب العلم إذا لم يعرف النحو أن يدخل في جملة قول النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «من كذب عليّ متعمدا فليتبوّأ مقعده من النار» ؛ (٣) لأنه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لم يكن يلحن ، فمهما رويت عنه ولحنت فيه ، كذبت عليه.
وقال «الحافظ العراقي» ـ ٨٠٦ ه في «ألفيته» ٣٤٧ :
وليحذر اللحان والمصحفا |
|
على حديثه بأن يحرفا |
فيدخلا في قوله : «من كذبا» |
|
فحقّ النحو على من طلبا |
فحقّ على طالب الحديث أن يتعلّم من النحو واللغة ما يتخلّص به من شين اللحن والتحريف ومعرّتهما.
__________________
(١) «أخبار الحمقى والمغفلين» ١٢٣.
(٢) وإنما قال «الأصمعي» : «أخاف» ، ولم يجزم ؛ لأن من لم يعلم العربية ، وإن لحن لم يكن متعمدا الكذب. «توضيح الأفكار» ٢ : ٣٩٣.
(٣) أخرجه «البخاري» في «صحيحه» في (كتاب العلم ـ باب إثم من كذب على النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ) ١ : ٣٦ ، و «مسلم» في مقدمة «صحيحه» ١ : ٨ من حديث «أبي هريرة». وقد أفاض في تخريجه وأجاد «أبو الفيض ، جعفر الكتاني» في كتابه : «نظم المتناثر من الحديث المتواتر» ٢٠ ـ ٢٤.