.................................................................................................
______________________________________________________
واعترض مولانا المجلسي وتبعه صاحب «الحدائق (١)» على الوجهين في «حتّى». قال المجلسي : يمكن المناقشة في الأوّل باحتمال كون التوقيت لتكرار الصلاة لا لأصلها ، إذ يقال : ضربته حتّى قتلته ، ولا يقال : ضربت عنقه حتّى قتلته ، وأمّا الثاني فبإمكان كون العلّة للشروع في الصلاة لا لأصلها (٢) ، انتهى.
وفيه : أنّ تقدير التكرار خلاف الأصل لا يصار إليه إلّا لدلالة من قرينة كما في ضربته حتّى قتلته بخلاف صلّ إلى أن يسكن ، مع أنّه لم يقل أحد بوجوب التكرار هنا ، بل ولا استحبابه ، مع أنّ الاستحباب أيضاً مجاز وخلاف الأصل ، لأنّ الأمر حقيقة في الوجوب. فالمراد أنّ غاية وجوب هذه الصلاة وطلبها شرعاً أن يسكن مثل قوله جلّ شأنه : «أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ (٣)» وغيره ممّا استدلّوا به على التوقيت ، وليس المراد أنّ ذلك غاية للفعل ، سلّمنا ولكن يحتمل إرادة الطول والامتداد بأن يكون ابتداؤها ابتداء الآية وانتهاؤها سكونها ، على أنّ التكرار إذا كان في ظرف لا يتعدّاه فنفس الصلاة أولى ، لأنّ المكرّر إذا شرط أن يكون في ظرف زمان فلا جرَم أن يكون جزءه أو بعضه وهو المرّة الاولى في ذلك الظرف ، فتأمّل ، على أنّه على تقدير كون التكرار مقدّرا تصير العبارة هكذا : صلّ مكرّراً حتّى يسكن إن لم يسكن بالاولى أو الثانية أيضاً وهكذا ، فتكون العبارة حينئذٍ ظاهرة في كون «حتّى» للتعليل ، بل الظاهر أنّها للتعليل في جعلها للغاية أيضاً ، لأنّ ما بعد «حتّى» داخل في ما قبلها ، وكونها بمعنى إلى مجاز خلاف الأصل.
وأمّا قوله في الثاني «إنّ العلّة للشروع لا لنفس الصلاة» فلا شبهة في فساده ، لجعل العلّة في الخبر لنفس الصلاة ، والأصل عدم التقدير.
وقوله «لعلّ الشروع في الصلاة» علّة لزوال الآية قبل إتمامها ، كما إذا قيل صلّ الصلاة الفلانية حتّى يغفر الله لك عند الشروع فيها ، ففيه أنّه لم يعتبر أحد
__________________
(١) الحدائق الناضرة : في صلاة الآيات ج ١٠ ص ٣٠٩ ٣١٠.
(٢) بحار الأنوار : في صلاة الكسوف ج ٩١ ص ١٥٩.
(٣) الإسراء : ٧٨.