.................................................................................................
______________________________________________________
وبين قوله تعالى (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (١)تعارض العمومين من وجه ، فكما جاز تخصيص الثاني بالأوّل جاز العكس ، فيقدّم العكس للأصل ، وقوّة العموم الثاني من العقل والنقل ، وأمّا تخصيص الثاني بالأوّل في عدد الفائتة والقول بوجوب قضاء الجميع وإن لزم الحرج فلعلّه للإجماع ، فلا يستلزم ذلك تخصيصه بالأوّل في تحصيل الترتيب أيضاً. ويمكن أن يقال : إنّ الثاني أعمّ أفراداً وأكثر شيوعاً من الأوّل فيكون الأوّل أخصّ منه ، فيكون أقوى دلالةً على أنّ دخول القضاء الموجب للحرج بالنسبة إلى العدد في الأوّل يوجب زيادة قوّته ، وكذا خروج كثير من التكليفات من الثاني كما هو ظاهر ، فصار مخصّصاً بمخصّصات كثيرة بخلاف الأوّل ، فإنّه لم يخصّص أصلاً وذلك ممّا يوجب زيادة قوّته ووهن الثاني إلّا أن يقال : إنّ الثاني متأيّد بما ذكرنا وبعمومات نفي المؤاخذة من الجاهل ومعذوريّته ، وأنّ العموم فيه من جهة وقوع النكرة في سياق النفي بخلاف الأوّل ، فإنّه من جهة التشبيه وكلمة الكاف ، وأنّ مثل ذلك محلّ تأمّل عند جماعة من متأخّري المتأخّرين ، لكنّهم يراعون جميع أحوال الفائتة من الجهر والإخفات والقصر والإتمام وغيرهما ، وهذا أيضاً من مقوّيات العموم ، والجاهل بالترتيب عالم بوجوب القضاء كما فاتته ، ويمكنه تحصيل ذلك ، غاية الأمر أنّه في بعض الصوَر يحصل الحرج كما هو الشأن في أصل قضاء الفوائت ، فالمسألة لا تخلو عن إشكال وإن كان القول بالسقوط حيث يكون حرج ولا تقصير لا يخلو عن قوّة. كذا أفاد الاستاذ دام ظلّه في «المصابيح (٢)».
هذا وفي «المعتبر» لو فاتته صلوات سفر وحضر وجهل الأوّل ففي الترتيب احتمالات : السقوط والبناء على الظنّ وقضاء الرباعيات من كلّ يوم تماماً وقصراً (٣) ، وفي «التذكرة» أنّ الوجه الاحتياط فيصلّي مع كلّ رباعية صلاة قصر ،
__________________
(١) الحجّ : ٧٨.
(٢) مصابيح الظلام : في القضاء ج ٢ ص ٣٩٠ س ٢ ١٥.
(٣) المعتبر : في القضاء ج ٢ ص ٤١٠.