رعاية الفائدة في جميع أجزاء الكلام مع الإمكان.
والحاصل : أنّ قصره (عليه السلام) في هذا السفر قد كان يحتمل الوجوه فنبّه الراوي على أنّ الوجه فيه هو الرجوع لليوم دون غيره ، ونفس الرجوع لليوم وإن لم يقض بالعلّية إلاّ أنّ التعويل فيه على فهم الراوي ، ولا يمتنع أن يكون قد فهم ذلك من قرائن الأحوال أو علم به من دلائل المقال فذكره لرفع الإجمال. وقد صرّح علماء الأُصول (١) باعتبار فهم الراوي في بيان المجمل ، بل ذهب جماعة (٢) منهم إلى أنّه معتبر أيضاً في تأويل المأوّل وحكموا بتأويل الظاهر إذا أوّله الراوي ، وهو قوي. وهذا الموضع من القسم الأوّل والظاهر انتفاء الخلاف فيه.
لا يقال : يحتمل أن يكون غرض الراوي إظهار الاحتمال لا رفع الإجمال ، فإنّ احتمال استناد القصر إلى الرجوع لليوم لمّا كان متوقّفاً على بيان وقوعه ذكره ليحتمل ذلك لا ليقطع به ، لأنّ مجرّد الاحتمال حاصل باحتمال الرجوع لليوم ، فلا يتوقّف على بيان وقوعه ، والتعرّض للرجوع لليوم لقصد إفادة هذا الاحتمال بعيدٌ جدّاً ، فإنّ المنساق من قوله «ثمّ رجع من يومه» بعد حكاية القصر هو استناد القصر إليه لا احتمال الاستناد ، مضافاً إلى بُعد وقوع التنبيه على الاحتمالات وعدم معهودية مثله من أحوال الرواة كما لا يخفى على المطّلع على أحوالهم ، واتّكالهم لى هذا الاحتمال ليس بمحض تجويز العقل من دون أن يكون له أثر في الشرع وهو ظاهر. ولا يقول العامّة (٣) باشتراط الرجوع لليوم واختلافهم فإنّهم لا يعرفون القول بالتلفيق فضلا عن اشتراط الرجوع لليوم بل القول بذلك من خواصّ الأصحاب ، فالوجه في احتمال ذلك في فعله (عليه السلام) ليس إلاّ ثبوته عنه واطّلاع الراوي عليه وبه يحصل المقصود. والبناء على تشكيك الراوي وتردّده ظاهر
__________________
(١) راجع قوانين الأُصول : في السنّة في جواز نقل الحديث ج ١ ص ٤٨٢ س ١٦ وما بعده.
(٢) نقل عنهم بحر العلوم في المصابيح : ص ١٠٨ س ١٠ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٧٠٠٨).
(٣) المجموع : ج ٤ ص ٣٢٤ و ٣٢٥.