الداخلة في السؤال وليس إلاّ من جهة هذا القيد ، فكان التقييد به معتبراً مقصوداً به بيان حكم الصلاة. ويزيده بياناً أنّ قوله (عليه السلام) «ويقصر صاحب السفن» كما في البحار والوسائل مطلق يعمّ الصوم والصلاة ، والإطلاق فيه مراد لوجود المسافة الموجبة للقصر فيهما. وهذا الإطلاق مع تقييد الحكم في راكب الدابّة بالصوم في قوّة التنصيص على إرادة التخصيص ، فيكون حكم الصلاة في الراجع لغير اليوممخالفاً لحكم الصوم ، والمخالفة إمّا بتعيين القصر فيها أو بالتخيير بينه وبين الإتمام ، والأوّل باطل قطعاً ، إذ لو تعيّن القصر في الصلاة لوجب الإفطار إجماعاً ، وقد دلّ الحديث على وجوب الصوم ، فتعيّن الثاني وهو التخيير. ولا سبيل إلى حمل الأمر بالصوم على الوجوب التخييري ، لأنّ ذلك ـ مع كونه مخالفاً لظاهر الأمر الدالّ على الوجوب العيني خصوصاً مع الاقتران بمثله وهو الأمر بالقصر في صاحب السفينة ـ يقتضي التخيير في الصوم دون الصلاة ، وهو خلاف الإجماع ، والبناء على توافق الصوم والصلاة في التخيير خلاف ما عرفت من دلالة الحديث (وتوافق الصوم والصلاة في الحكم بالتخيير وقد عرفت دلالة الحديث على الاختلاف ـ خ ل) وكذا القول في حمله على الاستحباب ، إذ لا قائل بالتخيير فيهما مع استحباب الصيام دون الإتمام.
فالحديث موافق لما عليه كثير من الأصحاب من تخيير المسافة في الأربعة بين القصر والإتمام إذا لم يرجع ليومه مع الفرق بين الصوم والصلاة باختصاص التخيير بالصلاة كما ذهب إليه الشيخ (رحمه الله) (١) وجماعة (٢) من أصحاب هذا القول ، وهو أحد الأقوال المعتبرة في المسألة ، فلا يكون منطوق الرواية مخالفاً للأقوال المعتبرة فيها ولا مفهومها مخالفاً للإجماع ، إذ المفهوم حينئذ هو وجوب القصر
__________________
(١) النهاية : في صلاة المسافر ص ١٢٢ و ١٦١.
(٢) منهم الشيخ المفيد في المقنعة : كتاب الصوم في حكم المسافرين في الصيام ص ٣٤٩ ، والصدوق في من لا يحضره الفقيه : باب الصلاة في السفر ج ١ ص ٤٣٦ ذيل ح ١٢٦٨ ، وسلاّر في المراسم : في صلاة المسافر ص ٧٥.