لمريد الرجوع ليومه أو عدم وجوب الإتمام عليه وهو قول معظم الأصحاب (١) ، والجواب منطبق على السؤال ومبتن عليه في كلٍّ من الموضوع والحكم ، وغايته الاكتفاء في الصلاة بدلالة المفهوم وهذا لا يقتضي عدم المطابقة. ولعلّ التنصيص على حكم الصوم لخفاء حكمه أو لعلمه (عليه السلام) بشدّة احتياج السائل إليه فدلّ عليه بالمنطوق واكتفى في الصلاة بالمفهوم. ومثله كثير والأمر فيه هيّن.
فاندفع الإشكال في الحديث وظهر انطباقه على المدّعى بل تبيّن أنّه من أجمع روايات الباب وأوفاها بجميع أحكامها ومطالبها ، والمستفاد منه ممّا يتعلّق بالمقام عدّة أحكام :
الأوّل : عدم حصول المسافة المتعيّنة للقصر والإفطار بمجرّد الأربعة ، إذ لو كان كذلك لوجب الحكم تعييناً على صاحب السفن وراكب الدابّة مطلقاً رجع ليومه أم لا أراد الرجوع أم لم يرد ، لوجود الأربعة في الجميع ، ومقتضى الحديث خلاف ذلك.
الثاني : تعيين الصوم على قاصد الأربعة إذا لم يرد الرجوع ليومه سواء أقام في المقصد أم رجع من دون إقامة لا ليومه كما يقتضيه إطلاق الأمر بالصوم الظاهر في الوجوب العيني من غير تقييد.
الثالث : تخيير غير قاصد الرجوع لليوم في الصلاة بين القصر والإتمام على تقديري الإقامة وعدمها لعموم المفهوم. وهذا أحد القولين لأصحاب الخيار والقول الآخر اختصاص التخيير بما إذا لم يرد المقام عشرة أيّام ، فيتعيّن عليه الإتمام في الطريق مع إرادته. وعلى هذا فلا بدّ من اعتبار قيد آخر في الكلام أو حمل المفهوم على سلب العموم لا عموم السلب ، والمعنى عدم تعيين الإتمام في الصلاة مطلقاً بل مع عدم إرادة المقام في المنزل.
__________________
(١) منهم الحلّي في السرائر : في أحكام صلاة المسافر ج ١ ص ٣٢٩ ، والمحقّق في المختصر النافع : في صلاة المسافر ص ٥٠ ، والسيّد عليّ في رياض المسائل : في صلاة المسافر ج ٤ ص ٤٠٩.