التأويل فيما يفيد المدّعى ، والحصر هنا ممنوع ، فإنّ من الجائز حمل الأمر بإتمام الصوم للراجع لليوم على التخيير مع إلغاء المفهومين المشعرين بمخالفة الصلاة للصوم ومخالفة غير الراجع لليوم للراجع فيه ، لأنّ التخيير في الصوم يستلزم التخيير في الصلاة إجماعاً وتخيّر الراجع ليومه يستلزم التخيير لغير الراجع فيه إلاّ على قول نادر لا عبرة به ، فيكون الحكم بإتمام الصوم لمن يرجع من يومه للتنبيه على حكم غيره من باب التسوية وحاصله التخيير لقاصد الأربعة مطلقاً ، وهو أحد الأقوال المعتبرة ، فلا يكون الحديث خارجاً عنها ولا مخالفاً للإجماع ، ولا يلزم عدم مطابقة الجواب للسؤال لدلالة الجواب على حكمي الصلاة والصوم للراجع ليومه وغيره ويدخل فيه المسؤول عنه ولو بدلالة التنبيه وهي إن لم تكن أقوى من المفهوم فإنّها تساويه.
قلت : يضعّف هذا الوجه أوّلا ضعف القول بالتخيير مطلقاً في الصوم والصلاةللراجع لليوم وغيره كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى في موضعه ، فلا يصلح بناء الحديث عليه وثانياً ما في هذا الوجه من التكلّف يصرف الأمر الظاهر في الوجوب العيني إلى التخييري مع انتفاء القرينة الدالّة عليه ، بل مع وجود قرينة الخلاف والبناء على مساواة حكمي الصوم والصلاة وحكمي الراجع لليوم وغيره مع دلالة المفهومين على المخالفة بين الحكمين وثالثاً إنّ البناء على التسوية إنّما يصحّ لو كانت التسوية مستندة إلى أمر بيّن معلوم في أزمنة الصدور كما قد يتفق في الجزئيّات الّتي تقع على سبيل التمثيل ، والأمر هنا ليس من ذلك القبيل فإنّ العلم بمثله إنّما يحصل للفقهاء العارفين بالأدلّة والخلاف والوفاق المتجدّدين بدقيق النظر بخلاف الرواة ، إذ لا اطّلاع لهم على الأسباب الحادثة القاضيةبالتسوية ، فلا يتأتّى البناء عليها إلاّ بجعل السبب اللاحق كاشفاً عن وجود أمر سابق يدلّ عليها في أوقات الحضور وشاهد الحال بل ظاهر السؤال يأبى ذلك ، وبالجملة : فلا خفاء في ضعف هذا الوجه وبُعده بخلاف ما تقدّم فإنّه مستفاد من نفس السؤالمن دون استعانة بالأُمور الخارجة النظرية ، فيتعيّن الحمل عليه دون غيره.