فإن قيل : لعلّ الوجه في الحديث ما ذكره الشيخان الفاضلان المحدّثان في «الوسائل (١) والبحار (٢)» أنّ راكب الدابّة يمكنه الرجوع ليومه قبل الزوال لقصر المسافة فيجب عليه الصوم بخلاف صاحب السفينة أو ما اختصّ به صاحب «الوسائل» من احتمال خروج الراكب بعد الزوال فيجب عليه إتمام الصوم على المشهور من أنّ المسافر إنّما يجب عليه الإفطار إذا خرج قبل الزوال لا بعده.
قلنا : أمّا احتمال الخروج بعد الزوال فلا يختصّ براكب الدابّة بل هو قائم في صاحب السفينة أيضاً لتمكّنه من ذلك كراكب الدابّة من غير فرق فلا وجه لتخصيصه به وبناء الفرق عليه وأمّا الرجوع قبل الزوال فإن أُريد به رجوع الخارج من أوّل النهار فلا ريب في بُعده ، لبلوغ المسافة ذهاباً وإياباً ثمانية فراسخ وهي وحدها شاغلة لليوم فكيف يتأتّى له الرجوع قبل الزوال مع قضاء وطره من السوق الّتي صار إليها للتسوّق ، هذا على نسخة الأربع كما في الكتابين ، وأمّا على نسخة السبع فالرجوع قبل الزوال كاد يكون من الممتنع المحال ، وإن أُريد به رجوع الخارج من البلد ولو قبل اليوم فراكب الدابّة وصاحب السفينة في ذلكسيّان ، لأنّ صاحب السفينة يمكنه الرجوع قبل الزوال مع عدم تعيين زمانالخروج كراكب الدابّة.
نعم ، قد ينقدح هنا احتمال ثالث وهو خروج الراكب بعد الزوال من اليومالأوّل ورجوعه قبل الزوال من الثاني فلا يفطر في سفره ذلك بخلاف صاحب السفينة إذ لا بدّ له من تخلّل يوم تمام بين يومي الخروج والدخول كما يشهد له قول السائل «وإن ركب السفن لم يأتها في يوم» فيجب عليه الإفطار في ذلك اليوم المتوسط وإن سلم له الطرفان إذا خرج بعد الزوال ودخل قبله.
وهذا الوجه وإن كان أجود من سابقيه إلاّ أنّه يرد عليه مع ما تقدّمه خلوّ
__________________
(١) وسائل الشيعة : ب ٣ من أبواب صلاة المسافر ذيل ح ١٣ ج ٥ ص ٥٠٢.
(٢) بحار الأنوار : في باب وجوب قصر الصلاة ج ٨٩ ص ١٥.