مدّة سفرك بريداً واحداً ثمّ تجدّد لك فيه الرجوع من يومك أقمت فلا تقصّر ، وإن كان أكثر من بريد فالتقصير واجب إذا غاب عنك أذان مصرك ، ثمّ قال (عليه السلام) بعد ذكر جملة من الأحكام : وإن سافرت إلى موضع مقدار أربع فراسخ ولم ترد الرجوع من يومك فأنت بالخيار فإن شئت تمّمت وإن شئت قصّرت ، وإن كان سفرك دون أربع فراسخ فالتمام عليك واجب ، هكذا في أصل الكتاب (١). وفي «البحار (٢)» نقلا عنه إلاّ أنّ فيه «لأنّه ذهابك ومجيئك بريدان» برفع البريدين كما هو الظاهر ، وعليه فالضمير المنصوب للشأن والجملة خبر ، وهو على الأوّل للسفر والخبر قوله :ذهابك ومجيئك ، ونصب البريدين على الحالية أو المفعولية أو الخبرية ليكون المقدّرة ، وفي بعض نسخ الأصل بدل قوله «أقمت فلا تقصّر» «أتممت فلا تقصّر» أمراً بالإتمام ونهياً عن التقصير تفريعاً على الأمر ، فيحتمل أن يكون «أقمت» تصحيحاً من النسّاخ لأتممت وأن يكون أتممت تصحيحاً منهم لأقمت لخفاء المعنى فيه ، ولعلّ المراد : كنت في حكم المقيم بالعزم على الإقامة وإن لم تقم ، والتفريع على هذا أوجه ، ولا يبعد سقوط «فما» قبل «أقمت» والتقدير : إن عزمت على المقام ثمّ تجدّد لك الرجوع فما أقمت فلا تقصّر ، فيكون قوله : فلا تقصّر ، هو الجواب ، وهذا أمكن في المعنى وأبين ، والفاء في قوله : فإن كان سفرك بريداً ، للتفصيل لا للتفريع ، لأنّ الأمر بالتقصير في البريد لا يتفرّع على ما تقدّمه من اشتراط البريدين في القصر ، وأربع في الأميال والفراسخ بدون التاء في جميع النسخ ، ويمكن توجيهه في الفراسخ بنحو ما مرّ في رواية «المقنع (٣)» وفي الأميال بعودها إلى الأذرع والأصابع وبأنّ الميل كما قيل (٤) مسافة متراخية من الأرض بغير حدّ أو بقدر مدّ البصر.
__________________
(١) فقه الإمام الرضا (عليه السلام) : باب صلاة المسافر والمريض ص ١٥٩ ـ ١٦١.
(٢) بحار الأنوار : باب وجوب قصر الصلاة ج ٨٩ ص ٦٥ ح ٣٥.
(٣) تقدّمت في ص ٤٢١.
(٤) كما في القاموس : ج ٤ ص ٥٣ مادّة «مال».