بريداً واحداً ثمّ تجدّد لك فيه الرجوع من يومك أقمت فلا تقصّر» فإنّه تضمّن النهي عن التقصير وهو حقيقة في التحريم ، وتحريم القصر مع تجدّد الرجوع لليوم يستلزم تحريمه مع بقاء العزم على المقام أو إرادة الرجوع بعد اليوم قبل العشرة ، والتقييد للتنصيص على الفرد الخفي لا للتخصيص ، فمقتضى الكلام وجوب الإتمام على عازم المقام سواء بقي على عزمه أو رجع عنه أراد الرجوع ليومه أم لا ، فيجب إخراجه من إطلاق الخيار لمن لم يرد الرجوع ليومه حملا للمطلق على المقيّد. والمراد بالمقام عشرة أيّام لا ما قابل الرجوع لليوم وإلاّ لزم اختصاص الخيار (بالمتردّد ـ ظ) ولم يقل به أحد ، على أنّ النفي في قوله «ولم ترد الرجوع في يومك» إمّا أن يتوجّه إلى القيد أو إليه مع المقيّد ، وعلى التقديرين فقاصد الرجوع لغير اليوم داخل في موضع الخيار مقصود من هذا الحكم في الجملة فيخرج عن هذا الكلام الدالّ على تعيين الإتمام.
وأمّا الثالث فيعلم من الحكم بالخيار لمن لم يرد الرجوع ليومه مع المنع من التقصير إذا عزم على المقام كما مرّ فيدخل في الخيار للعازم على الرجوع بعد اليوم قبل العشرة والمردّد بأقسامه وهي أربعة ، هذا ما يقتضيه ظاهر العبارة ويتبادر منها أوّل وهلة. وفيها احتمال آخر وهو التخيير في الصوَر الثلاث مع رجحان القصر في الأُولى والإتمام في الثانية والتسوية بينهما في الثلاث ، فإنّه (عليه السلام) أوجب القصر على المسافر إذا كان سفره ثمانية فراسخ ، والمراد الثمانية الامتدادية ، لتبادرها من الإطلاق ووجوب إرادتها هنا بقرينة مقابلتها بالثمانية الملفّقة ، ثمّ أوجب الإتمام في آخر العبارة إذا كان السفر دون الأربعة ، وعموم المفهومين يقتضي عدم تعيين شئ من الأمرين في الأربعة بصوَرها الثلاث ويلزمها التخيير في الكلّ ، فيحمل الأمر بالقصر لمريد الرجوع ليومه على الندب والنهي عنه لمريد المقام على الكراهة والتخيير فيما عداها على التسوية ، فيشعر بذلك العدول عن صريح الوجوب في الأوّلين إلى الأمر والنهي والاكتفاء في الأخير بالتخيير من دون إشعار بالمفاضلة. وظهور قوله «فإن شئت تمّمت وإن شئت قصّرت» في التسوية ،