.................................................................................................
______________________________________________________
فهذه الأخبار دالّة على اعتبار ما نحن فيه ، ولا تعرّض في واحد منها لكونه ممّا اتخذها وطناً من زمن آبائه وأجداده أو توطّنها أخيراً. نعم لا بدّ من صدق كونها بلده عرفاً كما يشير إليه أخبار أهل مكّة (١) ، ولا تعرّض فيها لاستيطان ستّة أشهر ولا عدمه ولا دلالة فيها على اشتراط ملك ، والإضافة في قولهم عليهمالسلام «بيته ومنزله» أعمّ من التمليك والاختصاص.
فظهر لك حال ما في «الذكرى» وغيرها وما في «مجمع البرهان» وإن كان مراد الشهيد ومَن وافقه أنّه إذا اتخذ البلد دار إقامة على الدوام فحكمه حكم الوطن الشرعي حتّى في صورة الإعراض ففيه أنّه لا ريب في فساده وأنّه لا يبقى لاشتراط الملكية وجه أصلاً كما يعطيه تعليلهم الإلحاق بأنّ المسافر بالوصول إليها يخرج عن كونه مسافراً عرفاً.
ويرد على صاحب «المدارك» زيادةً على ذلك أنّه اختار اعتبار ستّة أشهر في كلّ سنة ، فعلى هذا تكون هذه الدار وطنه عرفاً مطلقاً سواء كان ذلك في نوبة توطّنه فيه أم لا ، فلا يكون هناك استيطان شرعي مغاير للعرفي. نعم ذلك يتمّ على المشهور ، فعلى هذا لا وجه لاشتراط استيطان ستّة أشهر في العرفي ، لأنّه دائر مدار فعلية الاستيطان ، ومعها لا شكّ في كونه وطنه كلّما دخله وإن اتفق أنّه بدا له في استيطانه فيه قبل تمامية ستّة أشهر إذا كان عزمه التوطّن فيه دائماً ، فإذا صدق أنّه في أهله ومنزله ووطنه عرفاً لا يجوز له أن يقصّر.
ويرد على مولانا الأردبيلي في ما مال إليه من اعتبار الملك أنّ المسافر لفظٌ يرجع فيه إلى اللغة والعرف ، وليس هو في اللغة والعرف إلّا من هو ناء عن أهله خارج عن موضع حضوره ولا دخل للملك في هذا المعنى أصلاً ، وكثير من الحاضرين الّذين ليسوا بمسافرين ليسوا في أملاكهم ، وعلى ذلك المدار في الأمصار ، فكيف يمكن أن يقال : إنّ مَن لم يكن له ملك قد استوطنه ستّة أشهر
__________________
(١) وسائل الشيعة : ب ٣ من أبواب صلاة المسافر ج ٥ ص ٤٩٩ ٥٠٠.