وأما «القَدَريّة» : فهم الفِرقة المُجْبِرة الذين يُثبتون كلَّ الأمر بقَدر الله ، ويَنْسبُون القبائح إليه ؛ سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً (١).
وأما تسميتهم بذلك [أنفسَهم](٢) أهلَ العدل والتوحيد والتنزيه فمِن تعكيسهم ، لأن الشيء إنما يُنسَب إليه المُثبِت لا النافي (٣). ومن زعَم أنهم يُثبتون القدَر لأنفسهم (٤) فكانوا به أولى ؛ فهو جاهل بكلام العرب.
وكأنهم لما سمعوا ما رُوي أنه عليهالسلام قال : «القدَريّة مجُوس هذه الأمة» ؛ هَربوا من الاسم وإن كانوا قد ارْتكبوا مُسمّاه.
وعن الحسن عن حذيفة أن النبي عليهالسلام قال : «لُعنت القدريةُ والمُرجئةُ على لسان سبعين نبياً». قال : قيل : ومن القدَرية يا رسول الله؟ قال : «قوم يزعمون أن الله تعالى (٥) قدّر عليهم المعاصي وعذّبهم عليها».
وفي «الأكمل» عن مالك : يُستتاب (٦) ، قال : يعني الجَبرِيّة.
وعن الحسن رضياللهعنه قال : «إن الله بعث محمداً (٧) إلى العرب وهم قَدَريّة مُجْبِرة ، يَحملون ذنُوبهم على الله تعالى (٨)» وتصديقُه في قوله سبحانه : (وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها ، قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ) (٩). أعاذنا الله من المُجازفة والمُكابرة (٥٤ / أ) والإلحاد في آياته (١٠) تعالى.
و (دارُ بني جَهْم) : محَلَّة بمكة ، وبتصغيره كُني (أبو جُهَيم) الأنصاري ؛ ذكره أبو نُعيمِ الحافظُ فيمن عُرف بالكُنى من الصحابة (١١) ،
__________________
(١) قوله : «عن ذلك علواً كبيراً» : زيادة من ع.
(٢) من ط.
(٣) ع : لا إلى النافي.
(٤) ع : لأنفسهم القدر.
(٥) سقطت كلمة «تعالى» من ع ، ط.
(٦) أي يدعى إلى التوبة. وفي ع : «تستتاب القدرية». وعبارة ط : «مالك رحمهالله أنه يستتاب القدرية».
(٧) ع : وعن الحسن أن الله تعالى بعث محمداً صلى الله عليه.
(٨) «تعالى» : من ع ، وكذا كلمة «سبحانه» بعدها.
(٩) الأعراف ٢٨.
(١٠) ع : آيات الله.
(١١) غ : الصحبة.