إذْ هو الأكثرَ بينهم تَداولاً ، والأسْهَل عندهم تَناولاً ، فقدَّمت ما فاؤه همزةٌ ثم ما فاؤه باءٌ حتى أتيتُ على الحروف كلِّها ، وراعيتُ بعد الفاء العينَ ثم اللامَ ولم أراع فيما عدا الثلاثيَّ بعد الحرفين إلا الحرفَ الأخير الأصليّ ، ولم أعتدَّ في أوائلِ الكَلِم بالهمزة الزائدة للقطع أو للوصْل (١) ولا بالمبدَلة في أواخرها وإن كانت من حرفٍ (٢) أصلٍ ، ولا بنونِ فَنعْلٍ (٣) ، ولا بالواو وأُختها في فَوْعلٍ وفَعْوَل ، وربما فسَّرت الشيءَ مع لِفْقه (٤) ، في موضع ليس بوَفْقه. لئلا ينقطع الكلام ويتضلَّع (٥) النظام. ثم إذا انتهيتُ إلى موضعه الذي يقتضيه أثبتُّه غير مفسّر فيه ، كل ذلك تقريباً للبعيد ، وتسهيلاً على المستفيد.
ثم ذيَّلْت الكتاب بذكْر ما وقع في أصل «المُعْرب» من حروف المعاني ، وتصريفِ كلماتٍ متفاوتةِ المباني ، وشيءٍ من مسائل الإعراب بلا إسهابٍ ولا إغرابٍ في عدّة فصول ، محكمة الأصول ، كثيرةِ المحصول. وأما ما اتَّفق لي من بسْط التأويل ، فيما تضمَّن الكتابُ من آي التنزيل ، وغير ذلك من بثّ (٣ / ١) الأسرار ، وما يختصّ بعلم التاريخ والأخبار ، فباقيةٌ على سَكِناتها (٦) ، متروكَةٌ على مَكِناتها (٧) ، لم يُرفع عنها الحجابُ ، ولم يَحْلَ بها [هذا](٨) الكتاب. ولقد تلطَّفت في الإدماج والوصل ، بين الألفاظ المتَّحدة الأصل ، حتى عادت بعد تباينها ملتئمة ، وعلى تبدّدها منتظِمة. وأعرَضتْ (٩) لطالبها مُصحَبةً في قِران ، لا كما يَسْتَعصي على قائِدِه في حِرَانٍ ، وترجمتُه بكتاب «المُغْرِب في ترتيب المُعْرِب» لغرابة تصنيفه ، ورصانة ترصيفه ، ولقرابةٍ بين الفرع والمَنْمَى ، والنتيجة والمُنْتَمى. وإلى الله سبحانه وتعالى أبتهل في أن ينفعني به وأئمةَ الاسلام ، ويجمعني وإياهم ببركات جمعه في دار السلام.
__________________
(١) ط : الوصل.
(٢) ط : حروف.
(٣) ط : في فنعل.
(٤) اللفق : شقة الثوب.
(٥) أي يعوج.
(٦) جمع سكنة وهي في الأصل مقر الرأس من العنق.
(٧) مكنات الطير : بيضها.
(٨) زيادة من ع ، ط.
(٩) أي ظهرت.