ابن عباس رضياللهعنه : «اللهُ حَيِيٌ» أي يعامِل مُعاملة مَن له حياء لأن حقيقة الحياء انكسار وآفةٌ تُصيب الحَياة ، وذلك لا يصح فيه تعالى.
و (حيّاه) بمعنى أحْياه (تحيّةً) كبقّاه بمعنى أبقاه تَبقِيةً ، هذا أصلها ثم سمّي ما يُحيّا به من سَلام ونحوه تحيّةً. قال تعالى : (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ)(١). ولذا جُمعت فقيل (٢) (تحيّاتٌ) و (تَحايا) ، وحقيقة (حيَّيتُ) فلاناً : قلتُ له حيّاك الله أي عمّرك وأحياك وأطال (٣) حياتك ، كقولهم صلّى على النبيّ عليهالسلام إذا دعا له ، معناه قال له : صلى الله عليكَ.
ومن فسر التحيّة في قوله تعالى : «وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ» (٤) بالعطية فقدْ سها. وكذا من ادّعى أن حقيقتها المُلك ، وإنما هي مجاز ، وذلك (٥) أن أهل الجاهلية يحيّون الملوك بقولهم : «أبَيْتَ اللعْنَ» ولا يخاطِبون به غيرَهم حتى إن أحدهم إذا تولّى الإمارة والملك قيل له :
فلان قال التحيّة ، ومنه بيت (٧٦ / ب) الإصلاح (٦) :
ولكُلُّ ما نال الفتى |
|
قد نِلْتُه إلّا التحيّهْ |
أي إلا المُلْك.
وأما «التحيّات لله» فمعناها أن كلمات التّحايا والأدعية لله تعالى وفي مَلكَتِه ، لا أن هذا تحيّة له وتَسليم عليه ، فإن ذلك مَنهيّ عنه على ما قرأتُ أن ابن مسعود قال : «كنَّا إذا صلَّينا خلف رسول الله
__________________
(١) الأحزاب ٤٤.
(٢) ع : وإذا جمعت قلت.
(٣) ع : أطال.
(٤) النساء ٨٦ : (وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها).
(٥) ع ، ط : وذاك.
(٦) هو كتاب إصلاح المنطق لابن السكيت. والبيت فيه ص «٣١٦» منسوباً إلى زهير بن جناب الكلبي ونسب إليه أيضاً في هامش الأصل. وعجزه في اللسان (حيا) وفسر التحية بأنها السلامة من المنية.