٣ ـ إن اختيار العبودية لتكون أول مفهوم يطرح في هذه المناسبة يؤكد على أن هذا الفتح العظيم لم يخرج هؤلاء الفاتحين عن حالة التوازن ، ولم يدفعهم للتصرف بكبرياء ، ولم يوجب لديهم حالة من الغرور والادّعاء لأنفسهم فوق ما تملكه من قدرات. بل زادهم ذلك تواضعا ، وخضوعا له ، واستسلاما لإرادته ومشيئته تعالى ، تماما كما يستسلم كل عبد لسيده ، وليس لأهوائهم ونزواتهم.
٤ ـ إن هذا يعطي الآخرين الذين اساؤوا وآذوا نفحة من الشعور بالطمأنينة ، وبالأمل والسكينة ، من حيث أنهم سيفهمون أن القرار بشأنهم لن يكون عشوائيا ، تتحكم فيه النزوات ، والأهواء والعصبيات ، بل هو قرار إلهي ، وحكم رباني .. فإذا أصلحوا علاقتهم بالله ، وتابوا وعادوا إلى الالتزام بأوامره وزواجره ، وإذا اعتقدوا : أنه غفور رحيم ، وقوي عزيز ، وأنه الغفور التواب و.. و.. فإن بإمكانهم أن يأملوا قبول توبتهم ، والنظر إليهم بعين الرحمة والمغفرة ..
فيكون نفس هذا الشعار الذي نادى به المسلمون في فتح مكة دعوة لأهلها إلى قبول الحق ، والدخول في دين الله والتوبة والإستغفار ، وطلب الرحمة ..
كما إنه شعار يتضمن إنذارا لهم بضرورة التخلي عن المكابرة والجحود .. لأن ذلك سوف يعرضهم لغضب الله وسخطه ، وستجري عليهم وفيهم أحكامه وشرائعه ، وفق سنن العدل ، وعلى أساس قاعدة :