وعن يعقوب بن عتبة قال : لم يغنم رسول الله «صلىاللهعليهوآله» من مكة شيئا ، وكان يبعث السرايا خارجة من الحرم ، وعرفة ، والحل ، فيغنمون ويرجعون إليه (١).
ونقول :
قد يقال : إن هذا يدل على أن مكة قد فتحت صلحا ، إذ لو فتحت عنوة لحلت غنائمها ..
ونجيب :
أولا : إن مكة قد فتحت عنوة ، لكن العنوة لا تعني لزوم وقوع قتال وقتلى ، بل الفتح عنوة هو ما يكون بالقهر والقوة ، وبالرغم والهيمنة السلطوية. وذلك حاصل في فتح مكة .. لكن النبي «صلىاللهعليهوآله» ـ حفظا منه لحرمة بيت الله وحرمه ـ منع المقاتلين من مباشرة أي عمل قتالي إلا بإذنه ، وقتل الناس الذي صدر من خالد كان معصية لأوامر الرسول «صلىاللهعليهوآله» في هذا المجال.
على أن نفس أن يهدر النبي «صلىاللهعليهوآله» دم حوالي عشرين شخصا ، وقد قتل بالفعل عدد منهم .. يدل على أنه كان يتصرف من موقع الفاتح المنتصر ، لا من موقع المصالح ، الذي يفرض شروطه على الطرف الآخر .. إذ لم يكن المشركون ليرضوا بقتل عدد من كبار زعمائهم وأصحاب القرار فيهم ، ولا يمكن أن يسجلوا ذلك في بنود صلح مع من يطالب بقتلهم.
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٦٠ عن الواقدي ، والتنبيه والإشراف ص ٢٣٣ وراجع : تاريخ مدينة دمشق ج ١٦ ص ٧٧ و ٢٣٢.