يشهد لمن وافاه بالموافاة كثيرة (١).
وهذا الموقف من عمر قد أعطى الانطباع لدى الكثيرين من أتباعه ومحبيه بأن القيمة الحقيقية للبناء ، والحجر والشجر ، وكل ما هو جسم مادية وليست معنوية ، فلا قداسة لها في نفسها ، ولا تكتسب قداسة من إضافاتها إلى ما هو مقدس ، كما أنها لا تزيدها تلك الإضافات قداسة ، ولا تعطيها قيمة معنوية زائدا على ما لها من قيمة ما دية.
وخلاصة الأمر : إن كلمة عمر الآنفة الذكر قد أفرغت تقبيله للحجر من أي مضمون معنوي ، ورفد روحي ، وتوهج مشاعري ، وجعلته عملا خاويا ، وجافا ، لا يتضمن سوى المحاكاة الفارغة لفعل صدر عن رسول الله «صلىاللهعليهوآله».
ورغم أن إجابة علي «عليهالسلام» قد تضمنت العودة إلى أغوار المضمون الروحي ، وأوغلت في مداه العقائدي ، ومعناه الإيماني ، حين شرحت كيف أن الله سبحانه قد أودع الحجر الأسود مواثيق الخلائق منذ عالم الذر ، فإن ذلك لم يمنع محبي الخليفة الثاني من الإصرار على المنحى الذي نحاه عمر بن الخطاب .. وسعوا إلى التنظير له بعد تعميمه وتوسعته ، حتى اعتبروا التبرك بالأماكن المقدسة ، أو بأي شيء يرتبط برسول الله «صلىاللهعليهوآله وبآثاره ، من الشرك ، الذي يستحق فاعله العقوبة بأقصى مدى .. فما ظنك بالتبرك بآثار الأوصياء والأولياء والصالحين!!
وقد ضربوا بعرض الحائط مئات النصوص التي تحدثت عن توجيه
__________________
(١) البحار ج ٩٦ ص ٢١٥ ـ ٢٢٨.