إلا الإذخر يا رسول الله ، فإنه لا بد لنا منه ، للقين ، وظهور البيوت.
فسكت رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ساعة ، ثم قال : إلا الإذخر ، فإنه حلال».
ونقول :
إن هذا الموقف يحتاج إلى تبصر وتأمل ، ولكننا نكتفي هنا بالإلماح إلى بعض ما يظهر لنا فيه.
فأولا : هل كان النبي الأعظم «صلىاللهعليهوآله» ، الذي لم يزل يخبر الناس بالمغيبات ، لا يعرف أن الإذخر مما يحتاج إليه للقين ، ولأسقف البيوت؟! وعرف ذلك العباس دونه؟!
ثانيا : هل عرف ذلك العباس ولم يعرفه سائر شيوخ قريش ، وسواها من ساكني مكة ، من بني بكر وخزاعة ، و.. و..؟!
ثالثا : هل كان النبي الأكرم «صلىاللهعليهوآله» يحلل ويحرم من عند نفسه؟! أم كان يتكلم بوحي من الله تعالى؟!
فإن كان ما يأتي به هو الوحي الإلهي ، فما معنى تدخل العباس فيه؟ فهل لم يكن الله ـ والعياذ بالله ـ يعرف قيمة الإذخر ، وأهميته لأهل مكة ، حتى نطق العباس؟ أم انه كان يعرف ذلك ، لكنه كان يريد تصعيب الأمور عمدا على أهل مكة؟! ثم تراجع استجابة لطلب العباس؟!
وإن كان ما يأتي به إنما يأتي به من عند نفسه ، فلما ذا يقول القرآن عنه : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى)؟! (١).
__________________
(١) الآيتان ٣ و ٤ من سورة النجم.