والطاهر الذي لا يفجر.
وقد رفض «صلىاللهعليهوآله» بعد عهد الحديبية أن يستجيب لطلب أبي بصير بأن لا يسلمه لأهل مكة ، وقال له : «لا يصح في ديننا الغدر» (١).
وقد كان وفاؤه هذا معروفا لدى المشركين. وقد شهد بذلك مكرز بن حفص الذي بعثته قريش مع جماعة ، ليستعلموا منه «صلىاللهعليهوآله» عن سبب مجيئه إلى مكة في عمرة القضاء ، فقالوا له : «والله ، ما عرفت صغيرا ولا كبيرا بالغدر».
إلى أن تقول الرواية : فقال مكرز : «هو الذي تعرف به البر والوفاء» (٢).
ولكن أبا سفيان برغم هذا كله ، بمجرد أن أشار إليه العباس بأن يقف لحاجة له معه ، بادر لوصف جميع بني هاشم بالغدر .. مع أن طلب الوقوف ليس فيه ما يشير إلى غدر ، ولا إلى سواه.
ولكن خوف أبي سفيان قد أعاده إلى غفلته ، وأيقظ فيه سوء سريرته ، فتعامل مع الأمور وفق طبعه هو ، لا وفق ما يعلمه من النبي «صلىاللهعليهوآله» ومن بني هاشم ..
والذي دل على ذلك : أنه قد برر وستر بهذا الخوف ما صدر منه من اتهام بني هاشم بالغدر ، فإنه حين قال له العباس : لي إليك حاجة.
قال له أبو سفيان : فهلا بدأت بها أولا.
__________________
(١) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٢٤.
(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٩١ وفي هامشه عن الطبقات الكبرى ج ٢ ص ٩٢ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٤ ص ٣٢١ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٧٣٤.