نبيه وأوليائه ، إذ بذلك سقط الشرك وانتهى أمره ، وخضدت شوكته في الجزيرة العربية كلها ، وأفسح المجال لدخول الناس في الإسلام أفواجا.
وفرح المسلمون بنصر الله تبارك وتعالى أعظم الفرح. وكان ذلك في السنة التي غلبت الروم على فارس .. وظهر مصداق قوله تعالى : (الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ) (١).
وقد جاءت هذه البشارة في أوائل الهجرة حيث كانت فارس قد غلبت الروم. فبشر الله في هذه الآيات بفتح مكة وبنصر الله لهم على الشرك منذئذ.
وذلك لأن معظم الناس سوف يقلبون على هذا الدين ، ويحتاجون إلى الإيمان به وبالنبوة إلى المعجزة الميسورة والواضحة ، التي لا تحتاج إلى فكر ودراسة وتأمل ، ولا تحتمل التأويل ، ولا يمكن ألقاء الشبهة فيها .. وأكثرهم يعيش البساطة ، ولا يملك من العلم والفكر ، ما يمكنه من أدراك حقائق القرآن العالية ، أو ما يجعله يتفاعل مع الإستدلالات العلمية المعمقة. وهم لا يعرفون شيئا عن مصطلحات الفلاسفة ، وأساليب استدلالهم ، فجاء هذا الإخبار الغيبي ليسهل عليهم هذا الإيمان ، وليرسخه في نفوسهم ، ويعمقه في وجدانهم ، وضميرهم. وهو من مفردات الرحمة الآلهية لهم.
__________________
(١) الآيات ١ ـ ٧ من سورة الروم.