هذا .. وقد عوّدنا الأقوياء حين يضعفون ويعجزون ، وكذلك الذين يستشعرون بعض القوة ، ثم يظهر لهم ما هم فيه من الوهن والفشل ـ عودونا ـ أن يبرروا ذلك بالإحالة على القدر ، أو على الجبر التكويني الإلهي ، لتغطية ذلك العجز والوهن ، والتستر على ما هم فيه من فشل وخيبة ..
وقد كانت عقيدة الجبرية في المشركين ، وورثها الناس عنهم ، وربما يكون لأهل الكتاب أيضا دور في ترسيخها فيهم.
قال تعالى عن المشركين : (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ..) (١).
بل إن اليهود قد جعلوا الله تعالى محكوما بقدره ، ومقهورا ومجبرا فيما يفعل ، فقد قال سبحانه عنهم : (وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ ..) (٢).
وقد استخدم الحكام وأهل الأطماع هذه العقيدة لخدمة مصالحهم ، وتسيير أمورهم ، وحل مشاكلهم ، والخروج من بعض المآزق التي أوقعوا أنفسهم فيها.
وبرروا بها إقدامهم على كثير من الأمور غير المشروعة أيضا.
ثم وضعت الأحاديث الكثيرة على لسان رسول الله «صلىاللهعليهوآله» لتأييد هذه العقيدة ونشرها ..
من أجل هذا وذاك ظهرت هذه العقيدة في مفردات كثيرة من مواقف
__________________
(١) الآية ١٤٨ من سورة الأنعام.
(٢) الآية ٦٤ من سورة المائدة.