وقد رافقتها حالة سلوكية لا بد من أن تترك أثرها العميق على روح وفكر أهل الإيمان ، وأهل الكفر والشرك والطغيان على حد سواء ..
إذ ربما لم يكن يخطر على بال أحد : أن تتجلى حالة الخشوع والخضوع ، والتطامن والتواضع لله سبحانه في هذه اللحظات بالذات ، بل ربما يتوقع الناس : أن يروا هيبة الملك ، وعظمة النصر ، والهيمنة والحزم ، ونظرات التصميم والعزم في كل حركة ولفتة في خصوص هذا الظرف الحساس ، الذي يحتاج إلى إصدار الأوامر ، وتوزيع المهام ، وإظهار القوة والشوكة لقطع دابر أي تفكير بالتمرد ، أو الغدر ، أو الكيد والمكر الذكي والخفي ..
ولكن الجميع رأوا مظهرا آخر من مظاهر العبودية لله سبحانه ، وصورة رائعة من صور الخضوع والخشوع له ، حتى إن هذا الفاتح المنتصر يطأطئ رأسه تخشعا وتواضعا إلى حد أن عثنونه يلامس واسطة رحله ، أو يقرب منها ، وذلك لما رآه من الفتح ، وكثرة المسلمين.
إن هذا النبي «صلىاللهعليهوآله» وكل إنسان مؤمن واع لحقيقة إيمانه يدرك : أنه لا يكثر بالناس أمام الله ، بل يكون أمام الله وحيدا فريدا ، وإنما يكثر بالله وحده لا شريك له ..
إنه يريد من الله تعالى أن ينصره وينصر من معه ، ولا يريد أن ينتصر بهم.
كما أنه حين دخل حرم الله مع هذه العساكر ، إنما أراد بذلك حفظ حرمة الحرم والبيت ، ومنع هتك حرمته من قبل العتاة والقساة بشركهم ، وكفرهم ، وظلمهم ، وإفسادهم في الأرض ، ومحاربتهم لدين الله تعالى ..
ويلاحظ هنا : أن النص المتقدم يقول : استشرفه الناس ، فوضع رأسه