وسألوا رسول الله «صلىاللهعليهوآله» أشياء فكتب لهم بها ، وجعلوا يسألونه عن القرآن والسنن ، فازداد رسول الله «صلىاللهعليهوآله» فيهم رغبة ، وأمر بلالا أن يحسن ضيافتهم.
فأقاموا أياما ، ولم يطيلوا اللبث.
فقيل لهم : ما يعجلكم؟
قالوا : نرجع إلى من وراءنا فنخبرهم برؤيتنا رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، وكلامنا إياه. وما رد علينا.
ثم جاؤوا رسول الله «صلىاللهعليهوآله» يودعونه ، فأمر بلالا فأجازهم بأرفع مما كان يجيز به الوفود ، وقال : «هل بقي منكم أحد»؟
قالوا : غلام خلفناه على رحالنا وهو أحدثنا سنا.
قال : «أرسلوه إلينا».
فلما رجعوا إلى رحالهم قالوا للغلام : انطلق إلى رسول الله ، فاقض حاجتك منه ، فإنا قد قضينا حوائجنا منه وودعناه.
فأقبل الغلام حتى أتى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» فقال : يا رسول الله ، إني غلام من بني أبذى من الرهط الذين أتوك آنفا ، فقضيت حوائجهم ، فاقض حاجتي يا رسول الله.
قال : «وما حاجتك»؟
قال : «يا رسول الله ، إن حاجتي ليست كحاجة أصحابي ، وإن كانوا قد قدموا راغبين في الإسلام ، وساقوا ما ساقوا من صدقاتهم ، وإني والله ما أعملني من بلادي إلا أن تسأل الله عزوجل أن يغفر لي ، ويرحمني ، وأن يجعل غناي في قلبي».