فقال «صلىاللهعليهوآله» : «اللهم اغفر له وارحمه ، واجعل غناه في قلبه».
ثم أمر به بمثل ما أمر به لرجل من أصحابه.
فانطلقوا راجعين إلى أهليهم ، ثم وافوا رسول الله «صلىاللهعليهوآله» بمنى سنة عشر ، فقالوا : نحن بنو أبذى ، فسألهم رسول الله «صلىاللهعليهوآله» عن الغلام ، فقالوا : يا رسول الله ، والله ما رأينا مثله قط ، ولا حدثنا بأقنع منه بما رزقه الله. لو أن الناس اقتسموا الدنيا ما نظر نحوها ولا التفت إليها.
فقال رسول الله «صلىاللهعليهوآله» : «الحمد لله ، إني لأرجو أن يموت جميعا».
فقال رجل منهم : أو ليس يموت الرجل جميعا؟
فقال «صلىاللهعليهوآله» : «تشعب أهواؤه وهمومه في أودية الدنيا ، فلعل أجله يدركه في بعض تلك الأودية ، فلا يبالي الله عزوجل في أيها هلك».
قالوا : فعاش ذلك الرجل فينا على أفضل حال وأزهده في الدنيا ، وأقنعه بما رزقه الله.
فلما توفي رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، ورجع من رجع من أهل اليمن عن الإسلام ، قام في قومه فذكرهم الله والإسلام ، فلم يرجع منهم أحد. وجعل أبو بكر يذكره ، ويسأل عنه حتى بلغه حاله ، وما قام به. فكتب إلى زياد بن لبيد يوصيه به خيرا (١).
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٨٥ و ٢٨٦ والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ـ