لمصلحتهم ، فلا يغيّر أسقف عن أسقفيته ، ولا راهب عن رهبانيته ، وليس عليهم دنية ، ولا دم جاهلية ، ولا يحشرون ولا يعشرون ، ولا يطأ أرضهم جيش ، ولابد أن ينصفوا ، على أن لا يأكلوا الربا.
وهذا يبين مدى حساسية الإسلام من أكل الربا ، فرغم أنه يقرهم على دينهم ، ولا يرضى بالتدخل في شأنهم الديني ، ولو بمستوى تغيير راهب عن رهبانيته ، فإنه يعطيهم هذه الإمتيازات التي كان يستطيع أن يمنعهم بعضها ، من دون أن يخل ذلك بميزان الإنصاف والعدل.
ولكنه آثرهم بذلك كله في مقابل أن لا يأكلوا الربا ، رغم ان أكلهم الربا لا يوجب خللا مباشرا في حياة المسلمين ، وإنما هو يوجب خللا في مجتمعهم هم بالدرجة الأولى ، ولكنه أراد أن يحفظهم هم عن التعرض لسلبيات هذه الخطيئة التي تنال الضعفاء وترهقهم ، وتبدد جهدهم ، وتعطيه لمن لا يستحقه ..
بل إن سلبيات هذه العاهة لا تنحصر في الحالة المالية والمعيشية منها لكي يقال : إنها تصيب الفقراء دون سواهم ، بل تتعداها إلى أضرار روحية ونفسية خطيرة ، حتى على آكل الربا نفسه ، حيث يتحول إلى حيوان كاسر شرس لا يحمل في داخله أي شعور إيجابي تجاه أخيه الإنسان فضلا عن غيره من المخلوقات والكائنات .. بل هو يتحول إلى طاغوت جبار ، ومصاص دماء.
ثم إن من أبسط نتائج هذه العاهة هو أن يفقد الناس أي دافع لعمل المعروف ، فيشعر الفقير بقسوة صاحب المال عليه ، ويرى أنه يمعن في إذلاله واستغلاله ، وصاحب المال لا يجد لديه الحافز لمساعدة الفقير والتخفيف من آلامه ، وتكون النتيجة هي زوال المعروف كما قال الإمام الباقر «عليه