ليخرجهم من ظلمات الجهل إلى نور العلم ، والإحتفاظ به ، ونقله إلى الأجيال اللاحقة بدقة وأمانة. وبذلك يظهر فساد قول الصالحي الشامي هنا :
«فمن صادف مثل علمه فقد علم» ، وفي صحيح مسلم : «فمن وافق خطه فذاك» أي : فهو مباح له ، ولكن لا طريق لنا إلى العلم اليقيني بالموافقة ، فلا يباح [والمقصود : أنه حرام لأنه لا يباح] إلا بيقين الموافقة ، وليس لنا يقين بها.
وإنما قال النبي «صلىاللهعليهوآله» : «فمن وافق خطه فذاك». ولم يقل : هو حرام بغير تعليق على الموافقة ، لئلا يتوهم متوهم أن هذا النهي يدخل فيه ذلك النبي الذي كان يخط ، فحافظ النبي «صلىاللهعليهوآله» على حرمة ذاك النبي ، مع بيان الحكم في حقنا ، فالمعنى : أن ذاك النبي لا منع في حقه ، وكذا لو علمتم موافقته ، ولكن لا علم لكم بها» (١).
على أننا نقول :
إن هذا الكلام موهون ، ولا يمكن قبوله من جهات عديدة :
فأولا : إذا كان علم الخط ضربا من الكهانة ، فإنه ليس علما ، إذ لا يصح عدّ الكهانة في جملة العلوم ، التي هي عبارة عن قواعد وضوابط توصل إلى نتائج ذات غرض واحد .. ولم نجد في الخط الذي فسّر آنفا بتفاسير مختلفة ما يدخله في هذا السياق ..
ثانيا : إذا كان هذا العلم من الكهانة ، فإن الحكم بتحريم الكهانة قد جاء مطلقا وعاما ، ولم يستثن منها كهانة علم الخط بأي معنى من المعاني المتقدمة ..
__________________
(١) راجع : سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٦٧.