ولكنّ علماءنا (١) ناقشوا في ذلك ، فقالوا : لو كان الغرض من استبدال أبي بكر بعلي «عليه السلام» هو سلامة من أرسله رسول الله «صلى الله عليه وآله» من الأذى كان الأحرى أن يرسل «صلى الله عليه وآله» العباس ، أو عقيلا ، أو غيرهما ممن لم يكن لدى قريش حقد عليهم ، لأنهم لم يشاركوا في قتل آباءهم ، وإخوانهم.
وحديث الخوف من شجاعة علي «عليه السلام» لا ينفع هنا ، فإن قريشا كانت تجترىء على علي «عليه السلام» وتسعى لقتله في الحروب ، وإن كانت تمنى دائما بالخزي والخيبة ، فهل تكف عنه إذا وجدته وحده في مكة بالذات وكان معها ألوف من أهل الشرك؟!
على أنهم قد زعموا : أن أبا بكر قد ذهب إلى مكة أميرا على الحاج (٢) ، فلما ذا لم يخف من قريش ومن المشركين أن يغتالوه إذا كان قد خاف من القتل ، بسبب حمله لرسالة النبي «صلى الله عليه وآله» إليهم؟!.
٣ ـ ولا نريد أن نوافق بعضهم حتى على إبداء احتمال أن يؤدي ضعف أبي بكر به إلى مصانعة الأعداء ، وممالأتهم ، والتآمر معهم .. فإن أبا بكر كان يعلم : أن النبي والمسلمين كانوا هم الأقوى ، كما أظهرته الوقائع وكما ظهر من غزوة مؤتة ، وتبوك ، والفتح ، وحنين ، وخيبر ، وأحد ، وبدر ، والخندق .. وما إلى ذلك .. وهو لن يجازف بالغدر بهم ، ويعرض نفسه لأخطار سيكون
__________________
(١) راجع البحار ج ٣٠ ص ٤٢٣.
(٢) فتح العزيز ج ٧ ص ٣١ والبحار ج ٣٠ ص ٤١٨ وعمدة القاري ج ١٨ ص ٢٦٠ وتحفة الأحوذي ج ٨ ص ٣٨٧ وجامع البيان للطبري ج ١٠ ص ٧٧ والتفسير الكبير للرازي ج ١٥ ص ٢١٩ والمعارف لابن قتيبة ص ١٦٥.