أبو بكر لم يقترف ذنبا ، فلما ذا يعرضه لهذا الإمتحان العسير ، ويفضحه أمام الناس ، ويظهر ضعفه ، أو يظهر عدم أمانته ، أو نحو ذلك؟ ..
وهل تصح العقوبة بالفضيحة قبل الجناية؟!.
ويمكن أن يقال في الجواب : إنه لا شك في أن أبا بكر ، قد هيّأ مقدمات كثيرة ، وقام باتصالات مختلفة ، وتعددت مساعيه لمنع تحقق ما يريده الله ورسوله «صلى الله عليه وآله» ، من أن يكون علي «عليه السلام» هو الإمام والخليفة بعد رسول الله «صلى الله عليه وآله» .. وكفى بذلك ذنبا يستحق العقوبة عليه بفضح نواياه ، وابتلائه بهذا الإمتحان العسير ..
غير أننا نقول :
إن ذلك قد لا يقنع أولئك الذين يهتمون بالذب عن أبي بكر ، وابتغاء الأعذار له ، ولذلك نقول :
لعل الأقرب إلى الإعتبار أن يقال هناك جوابان آخران :
أحدهما : أن هذا الذي جرى قد كان امتحانا لأبي بكر ، ولله ورسوله الحق في امتحان الناس ، وإظهار قدراتهم ، واستعداداتهم ، حتى لا يحمّلهم ما لا طاقة لهم به ، ولكن أبا بكر قد فشل في تحقيق أدنى درجات النجاح في هذا الإمتحان ، حيث إنه حين أرجعه النبي «صلى الله عليه وآله» في قضية براءة بكى ، وانزعج ، واغتم واهتم ، وعاتب واشتكى ، وأكثر على رسول الله «صلى الله عليه وآله» الكلام.
ولم يرض بما رضيه الله ورسوله «صلى الله عليه وآله» ، ولم نره سلم لرسول الله «صلى الله عليه وآله» تسليما. وكان أبعد ما يكون عن القاعدة