كيف تؤديها وأنت صاحبي في الغار؟! (١).
فإن قوله الأخير : «كيف تؤديها وأنت صاحبي في الغار» ، قد جاء على سبيل التقريع والتشنيع والذم ، وبيان السبب والمبرر لهذا الإجراء.
ولعل الوجه في ذلك : أن أبا بكر كان في الغار خائفا فزعا ، مع أنه كان يرى الآيات الدالة على حفظ الله تعالى لنبيه «صلى الله عليه وآله» ، مثل نسج العنكبوت ، ونبات شجرة السدر ، ووضع الحمامة الوحشية بيضها ، ووقوفها على باب الغار.
ومع وجوده إلى جانب النبي «صلى الله عليه وآله».
ومع تطمينات نبي الرحمة له.
ومع عدم علم أحد من المشركين بمكانهما. و.. و..
فإذا كان أبو بكر في الغار ، مرعوبا خائفا إلى هذا الحد ، وكل الشواهد تشير إلى أنه في مأمن ، فكيف سيكون حاله إذا أمام مئات أو ألوف المشركين ، وهم يرونه ويعرفون مكانه ، وهو في بلدهم وفي قبضتهم ، وجموعهم تحيط به ، وليس النبي «صلى الله عليه وآله» إلى جانبه ، ليهدىء من روعه ، ولا تظهر الآيات والمعجزات المطمئنة له. مع العلم : بأن أهل الشرك قد أصبحوا موتورين من الإسلام ، الذي قتل صناديدهم ، وآباءهم ، وإخوانهم ، وأبناء عشائرهم ، وفتح بلادهم ، وغنم أموالهم ..
ج : ثم إن هذه الكلمة من رسول الله «صلى الله عليه وآله» توضح : أن الأمر بالنسبة إلى علي «عليه السلام» كان هو الأصعب ، وأن إرساله هو
__________________
(١) إقبال الأعمال ج ٢ ص ٣٩ والبحار ج ٣٥ ص ٢٨٨.