صرعى في أول ساعة بل في الدقائق الأولى من المعركة ، حيث لا بد أن تتناهبهم سيوف ورماح مئات الألوف من الرجال ، إن لم نقل : إن الحجارة كانت تكفيهم ، لتبيد جميع أعدائهم وتفنيهم ..
ولكن ما حصل كان نقيض ذلك ، فإن الحرب لم تنته في اللحظات الأولى ، بل طالت ربما لأيام ، ولم يسقط فيها من الشهداء سوى عدد ضئيل جدا ، لا يتجاوز السبعة أشخاص ، كان القادة الثلاثة منهم ، ولو لا الهزيمة التي فرضها عليهم خالد بن الوليد ، فلربما بلغ السيل الزبى ، والحزام الطبيين .. والذين قتلوا من غير القادة لعلهم قتلوا بعد فرار خالد بالمسلمين ، أو على الأقل لا يمكن تأكيد قتلهم في ساحة المعركة قبل ذلك .. وقد كان هذا ، والحال أن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يكن معهم .. فلو كان «صلى الله عليه وآله» معهم ، فكيف ستكون عليه الحال والمآل ..
ولعل قيصر وأهل الروم قد سمعوا بمعاقبة النبي «صلى الله عليه وآله» والمسلمين للعائدين من مؤتة ، حتى لقد حثوا في وجوههم التراب ، واستقبلوهم بما يكرهون ، وقد قاطعهم وعاداهم أهلهم وذووهم وإخوانهم ، وحتى نساؤهم ومحبوهم .. ولم يقل لهم أحد : «الحمد لله على سلامتكم» ..
وها هو قيصر يرى عشرة أضعاف الثلاثة آلاف ، ومعهم قائدهم ، ورائدهم وسيدهم الذي يقدسونه ، ويفدونه بأنفسهم ، فأي جيش يمكن أن يواجه هؤلاء وينتصر عليهم ، ولذلك اتخذ قرار الخداع دون الإنصياع ، والمخاتلة والمماطلة ، بديلا عن المواجهة والمقابلة ..
ولا يبعد أن حصول هرقل على أخبار إلهية من كتب سماوية وصلت إليه تتحدث عن شأن النبي «صلى الله عليه وآله» هو الذي اضطره لاتخاذ