إن طال ليلي بعدهم فلطوله |
|
عذر ، وذاك لما أقاسي منهم |
لم تسر فيه نجومه لكنّها |
|
وقفت لتسمع ما أحدّث عنهم |
فأرقي ، الزائد في حرقي ، أظهر المكنون وأبان ، ووجدي بمن نأى وبان ، لم يجد فيه تعلّل برند وبان : [الرجز]
تنبّهي ، يا عذبات الرّند ، |
|
كم ذا الكرى؟ هبّ نسيم نجد (١) |
فلست مثلي في جوى أو أرق |
|
وحرقة من فرقة أو صدّ |
عوفيت ممّا حلّ بي من جيرة |
|
في الغرب لم يرثوا لفرط وجدي |
أعلّل القلب ببان عنهم |
|
وهل ينوب غصن عن قدّ (٢) |
بانوا فلا مغنى السرور بعدهم |
|
مغنى ، ولا عهد الرضا بعهد |
آها من البعد ومن لم يدره |
|
لم يشجه تأوّهي للبعد |
وفي شغل من أبكته الربوع والطلول ، وذهبت برهة من زمانه بين الترحّل والحلول ، فركب من الأخطار الصّعب والذّلول ، وحافظ على العهود ولم يسلك سبيل الغادر الملول : [الطويل]
سقاها الحيا من أربع وطلول |
|
حكت دنفي من بعدهم ونحولي (٣) |
ضمنت لها أجفان عين قريحة |
|
من الدّمع مدرار الشؤون همول |
ومن الغريب ، الذي ينكره غير الأريب ، أنّ الحادي إن سرّ القلب بكشف رين ، فقد تسبّب في اجتماع أمرين متنافيين متنافرين : [الطويل]
ترنّم حاد بالصّريم فشاقني |
|
إلى ذكر من باتت ضلوعي تضمّه |
فسرّ وساء النفس شجوا فربما |
|
كلفت به من حيث صرت أذمّه |
وارتجلت حين مللت من طول السّرى ، مضمّنا ذكر ما أروم له تيسّرا ، وقد أكثر الرفاق عند رؤية ما لم يألفوه من الآفاق تلهّفا وتحسّرا : [الخفيف]
قلت لمّا طال النّوى عن بلادي |
|
ولأهل النوى جوى (٤) وعويل |
__________________
(١) عذبات : جمع عذبة : وهي الغصن.
(٢) في ب : ببان رامة.
(٣) الحيا : المطر. والدّنف : المرض الشديد.
(٤) النوى : البعد. والجوى : الحرقة. والعويل : البكاء.