أعيذكم من لوعتي وشجوني |
|
ونار جوى تذكى بماء شؤوني |
وبرح أسى لم يبق فيّ بقيّة |
|
سوى حركات تارة وسكون |
أرى القلب أضحى بعد طارقة الأسى |
|
أسير صبابات رهين شجون |
وكيف سبيل القرب منكم ودونكم |
|
رمال زرود والأجارع دوني (١)؟ |
سلوا مضجعي هل قرّ من بعد بعدكم |
|
وهل عرفت طعم الرّقاد جفوني |
سهرنا بنعمان ، ونمتم ببابل ، |
|
فيا لعيون ما وفت لعيون |
وفي بعض الأحيان ، أتسلّى بقول بعض الأندلسيين الأعيان : [الكامل]
لا تكترث بفراق أوطان الصّبا |
|
فعسى تنال بغيرهنّ سعودا |
فالدّرّ ينظم عند فقد بحاره |
|
بجميل أجياد الحسان عقودا |
وقول غيره : [الكامل]
فعسى الليالي أن تمنّ بنظمنا |
|
عقدا كما كنّا عليه وأكملا |
فلربّما نثر الجمان تعمّدا |
|
ليعاد أحسن في النظام وأجملا |
وأرغب لمن أطال ذيول الغربة أن يقلّصها ، وأطلب ممّن أجال النفوس في سيول الكربة أن يخلّصها : [البسيط]
فنلتقي وعوادي الدهر غافلة |
|
عمّا نروم وعقد البين محلول |
والدار آنسة ، والشّمل مجتمع ، |
|
والطّير صادحة ، والروض مطلول (٢) |
وأضرع إليه ـ سبحانه! ـ في تيسير العود إلى أوطاني ، ومعهدي الذي مطايا العزّ أوطاني (٣) ، وأن يلحقني بذلك الأفق الذي خيره موفور ، وحقّ من فيه معروف لا منكر ولا مكفور : [البسيط]
إذا ظفرت من الدنيا بقربهم |
|
فكلّ ذنب جناه الدّهر مغفور |
وكأني بعاتب يقول : ما هذا التطويل؟ فأقول له : جوابي قول ابن أبي الإصبع الذي عليه التعويل : [البسيط]
__________________
(١) الأجارع : جمع أجرع ، وهو المكان الذي فيه رمال وحصى دقيقة.
(٢) الدار آنسة : أي فيها الأنس ، وضدها الموحشة. ومطلول : نزل عليه الطلّ ، وهو المطر الضعيف ، أو الندى.
(٣) أوطاني : أصله أوطأني ، أي مهدها لي وذللها ، فقلب الهمزة ألفا.