تجدد الغفلة بعدها فيصير الفعل بغير نية. وفيه ـ مع قطع النظر عن انه لا يكون كليا ـ انه ليس العبادة إلا كسائر أفعال المكلف كما عرفت والقدر المعلوم فيها هو ما ذكرناه لا ما ذكروه ، فإنه لا يجب في جملة الأفعال بعد تصور الدواعي الحاملة عليها ان يكون ذلك حاضرا في باله وجاريا على خياله لا يغيب عن تصوره في تلك المدة فإنه وان زال لكن الذهن متى التفت اليه وجده كذلك وان اشتغل بفكر آخر أو كلام في البين فإنه لا ينافي حضور ذلك في باله.
قال بعض المحققين من متأخري المتأخرين ـ ونعم ما قال ـ انه لما كانت النية عبارة عن القصد إلى الفعل بعد تصور الداعي والحامل عليه ـ والضرورة قاضية بما نجده في سائر أفعالنا بأنه قد يعرض لنا مع الاشتغال بالفعل الغفلة عن ذلك القصد والداعي في أثناء الفعل بحيث انا لو رجعنا إلى وجداننا لرأينا النفس باقية على القصد الأول ومع ذلك لا نحكم على أنفسنا ولا يحكم علينا غيرنا بان ما فعلناه وقت الذهول والغفلة بغير نية وقصد بل من المعلوم أنه أثر ذلك القصد والداعي السابقين ـ كان الحكم في العبادة كذلك إذ ليس العبادة إلا كغيرها من الأفعال الاختيارية للمكلف والنية ليست إلا عبارة عما ذكرناه. انتهى وهو جيد رشيق.
هذا ، واما باقي الأبحاث المتعلقة بالنية في هذا المقام مما ذكره أصحابنا (رضوان الله عليهم) فقد تقدم الكلام فيه في بحث نية الوضوء مستوفى فليراجع.
الفصل الثاني
في تكبيرة الإحرام
وفيه مسائل (الأولى) لا خلاف بين الأصحاب بل أكثر علماء الإسلام في ان تكبيرة الإحرام جزء من الصلاة وركن فيها تبطل الصلاة بتركها عمدا وسهوا.