والذوق القويم من هذه العبارة هو الأمر بالرجوع وإتمام الصلاة يعني بالتشهد والتسليم عملا بمقتضى التعليل ، فان معنى «فليتم صلاته» يعني يأتي بها إلى آخرها. ثم ذكر ان آخرها التسليم ، وحينئذ فالأمر بالإتمام متوجه إلى الصلاة التي آخرها التسليم ، نظير ذلك قولك اكتب هذا الكتاب من أوله إلى آخره فان آخره كذا. فإنه لا ريب ان ذلك الآخر داخل في المأمور بكتابته ، وبذلك يتضح ان التسليم في الخبر المأمور به والأمر للوجوب كما قرر في محله. هذا وجه الاستدلال بالخبر لأن محل الاستدلال ـ كما توهمه ـ مجرد قوله في الخبر «فان آخر الصلاة التسليم» حتى يتوجه ما ذكره.
(الرابع) ـ ما ذكره بقوله : «انها متروكة الظاهر» فاني لا اعرف له وجها كما لا يخفى على الناظر الماهر ، فإنه ان أراد من حيث اشتمال الخبر على الخروج وغسل انفه ثم الرجوع في صلاته ففيه انه قد ورد الحكم بذلك في عدة من الأخبار وبه قال الأصحاب من غير خلاف يعرف ، بمعنى ان المصلي يقطع الصلاة ويزيل النجاسة ثم يرجع في صلاته ويبنى على ما مضى ما لم يستلزم ذلك مبطلا من خارج ، فالمراد بالخروج في الخبر هو الخروج من الصلاة وقطعها لأجل إزالة النجاسة ، وستأتي الأخبار بذلك في محلها ان شاء الله تعالى.
(الموضع الثاني) ـ في بيان كونه واجبا خارجا ، اما وجوبه فلما عرفت في الموضع المتقدم ، واما خروجه فهو قول جمع من الأصحاب : منهم ـ شيخنا الشهيد في قواعده فان الظاهر منه ذلك حيث قال : ان صحيحة زرارة في المحدث قبل التسليم (١) «قد تمت صلاته». وصحيحته الأخرى في من صلى خمسا (٢) «ان كان جلس في الرابعة قدر التشهد فقد تمت صلاته». لا يدل شيء منهما على عدم وجوب التسليم وانما يدلان على عدم جزئيته. انتهى.
واعترضه تلميذه الفاضل المقداد في شرح النافع بلزوم خرق الإجماع المركب ،
__________________
(١) ص ٤٧٤.
(٢) الوسائل الباب ١٩ من الخلل في الصلاة.