ويمكن الجواب عن الخبر الأول وان بعد بان المراد ثم تنصرف يعني بعد الإتيان بالصلاة ، ويشير اليه عطف الانصراف ب «ثم» الدالة على المهلة والتراخي. وبالجملة فإنه لما قام الدليل على الوجوب في هذا الموضع بالأخبار الصريحة الصحيحة بالتقريب الآتي فالواجب حمل ما ينافي ذلك على ما يرجع به اليه وان بعد في حد ذاته إلا انه ليس ذلك بعيدا في مقام الجمع كما وقع لهم مثله في غير موضع. واما الخبر الثاني فيحمل على دخول الصلاة في الشهادتين تجوزا كما أطلق التشهد على مجموع الأذكار الطويلة الآتية في رواية أبي بصير ونحوها.
السادس ـ ما تضمنه الخبر السابع عشر من الأحكام لا يخلو من الإشكال في المقام قال شيخنا المجلسي (قدسسره) في البحار بعد نقل الخبر المذكور : لم أر به عاملا من الأصحاب بل المشهور قضاء التشهد وسجدتا السهو كما سيأتي. نعم قال ابن إدريس : إذا كان المنسي التشهد الأخير وأحدث ما ينقض طهارته قبل الإتيان به يجب عليه إعادة الصلاة. وهو أيضا خلاف المشهور. ويمكن حمل الخبر عليه والأظهر حمله على الاستحباب وروى في التهذيب قريبا منه عن عمار الساباطي (١) ولو قضى التشهد وسجد السهو ثم أعاد الصلاة كان أحوط. انتهى.
أقول : ويخطر بالبال العليل والفكر الكليل ان المراد من الخبر المذكور انه متى ذكر انه قال «اشهد ان لا إله إلا الله» أو ذكر انه قال «بسم الله» فإنه يبني على وقوع التشهد بمعنى انه يبعد بعد الشروع فيه ببعض هذه العبارات ان يترك باقيه نسيانا ويسهو عنه ، اما لو علم انه لم يتكلم بقليل ولا كثير فان السهو عنه ممكن وحكمه حينئذ بإعادة الصلاة محمول على حصول المنافي في البين بمعنى حصول ما يبطل الصلاة عمدا وسهوا فان الواجب هو الإعادة. وهو معنى صحيح لا غبار عليه وهو في باب التأويل غير بعيد كما لا يخفى.
__________________
(١) الوسائل الباب ٧ من التشهد.