مخاطبا بترك العمل بها إذا لم تلجئه التقية للعمل بها وما نحن فيه من هذا القبيل. وبالجملة فإن الأخبار المستفيضة بالترجيح بمخالفة العامة في مقام اختلاف الأخبار أعم مما ذكره فإنه متى ما وافق أحد الخبرين العامة وخالفهم الآخر وجب تركه عمل به أو لم يعمل به ولهذا ترى الأصحاب في مقام البحث والترجيح يستدل أحدهم بخبر ويجيب عنه الآخر بالحمل على التقية. والله العالم.
تنبيهات
(الأول) ـ قد صرح جملة من الأصحاب : منهم ـ المحقق وابن إدريس والعلامة والشهيد وغيرهم بأن أقل الجهر ان يسمع القريب منه تحقيقا أو تقديرا وأقل الإخفات ان يسمع نفسه لو كان سامعا ، وادعى عليه الفاضلان في المعتبر والمنتهى الإجماع وقال الشهيد في الذكرى : أقل الجهر ان يسمع من قرب منه إذا كان يسمع وحد الإخفات إسماع نفسه ان كان يسمع وإلا تقديرا ، قال في المعتبر وهو إجماع العلماء ولأن ما لا يسمع لا يعد كلاما ولا قراءة.
وقال ابن إدريس في السرائر : وادنى حد الجهر ان تسمع من على يمينك أو شمالك ولو علا صوته فوق ذلك لم تبطل صلاته ، وحد الإخفات أعلاه ان تسمع أذناك القراءة وليس له حد ادنى بل ان لم تسمع أدناه القراءة فلا صلاة له وان سمع من على يمينه أو شماله صار جهرا فإذا فعله عامدا بطلت صلاته. انتهى.
وقال السيد السند في المدارك بعد قول المصنف «وأقل الجهر ان يسمعه القريب الصحيح السمع إذا استمع والإخفات ان يسمع نفسه ان كان يسمع» : هذا الضابط ربما أوهم بظاهره تصادق الجهر والإخفات في بعض الافراد وهو معلوم البطلان لاختصاص الجهر ببعض الصلوات والإخفات ببعض وجوبا أو استحبابا. والحق ان الجهر والإخفات حقيقتان متضادتان يمتنع تصادقهما في شيء من الافراد. ولا يحتاج في كشف مدلولهما إلى شيء زائد على الحوالة على العرف انتهى.